حق من الخلف. وقال في هذه اليمين ... بما لم يسبق إليه من أئمة المسلمين وفقنا الله أجمعين.
ومن الشاهد لصحة ما أجمع عليه شيوخنا وشيوخهم فيها مما تقدم وصفنا له: ما رواه عيسى عن ابن القاسم فيمن قال: على عهد الله وغليظ ميثاقه (وكفالته) وأشد ما اتخذه أحد على أحد إن فعل كذا ففعله فإن كان لم يرد العتاق ولا الطلاق وعزله عن ذلك فليكفر ثلاث كفارات لا غير في قوله: عهد الله كفارة وغليظ ميثاقه كفارة، (وفي قوله) أشد ما أتخذ أحد على أحد كفارة، وإن لم تكن له نية حين حلف فليكفر كفارتين في قوله: عهد الله وغليظ ميثاقه وبعتق رقيقه وليطلق نساءه ويمشي إلى بيت الله ويتصدق بثلث ماله في أشد ما اتخذه أحد على أحد.
وهذا كالنص من قول ابن القاسم في وجوه تلك الأوجه في الأيمان اللازمة؛ لأنه أوجبها عليه مجتمعة لقوله: وأشد ما اتخذ أحد على أحد، وهو لفظ محتمل إذ قد يراد به ما أفتى به ابن القاسم من جمعها على الحالف الأشياء التي (جرى) على (ألسنة الناس) وفي متعارفهم الحلف بها، ويكون الغرض أن يحلف بواحد من الأشياء المحلوف بها يكون من أشدها من طلاق أو عتاق أو شبهه لا (بجميعه) كان الظاهر الذي لا خفاء (به) فيمن حلف بالأيمان اللازمة جمعها عليه لجمعه إياها على نفسه بلفظ لا يجوز تأويله على غير ذلك، ولا حمله على سواه؛ لأن لفظة الأيمان لا يجوز في اللسان حملها على يمين واحدة، وهي موضوعة للجميع، كما لا يجوز أن يحمل تقوله نسائي (طوالق) أو عبيدي أحرار على أنه أراد واحدة من نسائه أو واحدا من عبيده، وإن ادعى أنه أراد ذلك لم يقبل ولا أصغي إليه بما يلزم في الجمع عليه.
وإن اعترض (معترض في ذلك) ممن لم يعن النظر بقول ابن وهب في سماع ابن الحسن: في أشد ما (أخذ) أحد على أحد كفارة يمين، وقال: يجب على هذا أن يكون في الأيمان اللازمة (كذلك كفارة يمين. قيل له) هذا لا يسوغ فيها لا على قول ابن وهب ولا غيره؛ لأن الأيمان جمع يمين، وقد التزم الجميع وعقد على نفسه الكل مؤكد الحلف؛ فلا يجوز إسقاط شيء منها عنه ولا رده إلى واحد منها بغير دليل عليه وقد قال الله تعالى (ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان)، وقال (عز من قائل): (وأوفوا بالعقود)، وقال:(يوفون بالنذر) وقال النبي صلى الله عليه وسلم "من نذر أن يطيع الله فليطعه"، وهذا كله يؤكد أن