للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حينئذ، على ما رواه عيسى عن ابن القاسم في كتاب الأيمان بالطلاق، وإليه أشار ابن مالك في جوابه في هذا الفصل.

وكذلك الطلاق من الواضحة، أن يكون رآها من شرح ما في المدونة من قول ابن القاسم فيمن قال لامرأته: أنت طلاق إن لم أطلقك: (أن الطلاق يقع عليه) مكانه، وقد قال: لا يطلق عليه إلا بعد رفع السلطان وتوقيف.

والقول الأول (احتج)، وأنه بخلاف قوله: أنت طالق إن لم أدخل الدار، إن وقع ذلك كان موليا، وإن دخل سقط عنه الطلاق. وهذا لابد له إلا بالطلاق على كل وجه، وكذلك عنه في الواضحة.

وقال أصبغ: لا يعجل عليه الطلاق حتى يحكم عليه السلطان، واختاره ابن حبيب، ووجه الجمع بين هذه والذي أفتى فيها ابن عتاب؛ لأن قوله: الأيمان كلها لازمة إن كانت لي بامرأة لم تصرفها؛ فقد جمع فيها الطلاق. وقوله: إن (كانت) لي بامرأة في معنى (إلا) فارقتها؛ فصار كقولك: أنت طالق إن لم أطلقك، فرأى تعجيل الطلاق عليه إن لم تعجل بصرف الثياب أو عوضها.

وأما ابن مالك فإنما جعلها من باب حلف بالطلاق على غيره ليفعلن فعلا كقوله: (امرأته) طالق لتقضين حقي الذي لي عليك، أو لتهبني دينارا، أو قال: لتدخلن الدار.

والجواب المشهور فيها في المدونة والواضحة والموازية والعتبية: أنه يتلوم له في ذلك بقدر ما أراد بيمينه منه ما يكون ساعة، ومنه ما يكون شهرا أو أزيد أو أقل.

هذا إن وعد المحلوف عليه بفعل ذلك، لا أفعل ما حلف علي أن أفعله؛ عجل على الحالف بالطلاق، هكذا في العتق (الأول) من المدونة وفي النذور من الواضحة في هذا الأصل خلاف لابن الماجشون، وقال: من حلف بالطلاق على فعل غيره (كمن) حلف به على فعل نفسه في جميع وجوهه، كذلك سمعت مالكا وغيره من علماء المدينة يقولون: يريد أن يكون موليا.

قال ابن حبيب: وهو أحب إلي وأقوى عندي، وبه أقول ولابن القاسم في رسم حمل صبيا على دابة مثله، وقاله عيسى بن دينار، وقد روى عنه التفريق بينهما على ما في المدونة وغيرها وهو الأكثر والأشهر، وقد أشار ابن مالك في جوابه إلى هذا الخلاف الذي ذكرناه.

<<  <   >  >>