للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما قوله: أول منازل مسألتك في اليمين أنه إن كان نوى بها أن (زوجه) غيبت الثياب، وخرجت يمينه على ذلك، ثم تبين له أنها (لم) تغيبها؛ فاليمين غير لازمة له.

كذلك في سماع ابن القاسم يريد ما رواه عن مالك في رسم طلق بن حبيب من كتاب الإيمان بالطلاق، فيمن كان له سوط وغاب عن أهله شهرًا ثم قدم فعتب على غلام له فأراد ضربه فسألهم (السوط أن يعطوه) فقالوا: ما نعلم مكانه فظن أنهم خبوه عنه كراهة ضرب الغلام فقال: حرم علي ما أحل لي إن لم تأتوني به فطلبوه فلم يجدوه ووجدوا سوطًا آخر فأتوا به، وقالت وغيرها من أهل البيت: هو هو ولم يعرفوه وأنكروا أن يكون (هذا).

فقال مالك: إن لم يكن عرفه فقد (لزمه) الطلاق، ولو كانت له نية نويته، يريد أن يقول: لم أرده، إنما أحلفت على أني أظن أنهم غيبوه، فإذا كانت تلك نيته؛ فلا شيء عليه، كمن قال لجاريته: أنت حرة إن لم أبعك، فإذا هي حامل منه ولم يعلم فهي حرة إلا إن أراد أن تكون حاملا.

ولهذه المسائل نظائر يطول الكتاب بذكرها، وكذلك تركت أيضا ذكر ما في سماع أشهب وغيره في تأخير المشي لمن حنث في الحلف به أو في الأيمان اللازمة.

مسألة ثالثة في الأيمان اللازمة:

شاور بعض القضاة في قرطبة في رجل حضر مجلس نظره فدعا إلى أنه يزال ربيبتاه عنه، فقيل له: لا تفعل. فقال: لزمتني يمين (ألا تبقيا عندي. فقيل له: تكفر يمينك. فقال: هي يميني) لا تكفر. فقيل له: عرفنا بها. فقال: لا كفارة لها، ولا يحل لي دخول الدار التي أسكنها (معها). فقيل له: متى حلفت؟ فقال منذ خمسة عشر يومًا. فقيل: هل أدخلت الدار بعد ذلك؟ فقال: دخلت.

فلما قيل له قد حنثت. فقال: إنما حلفت أني إذا حضرت مجلس نظر القاضي فلا تكون معي بعد ذلك.

واستفتي عن اليمين، فقال: كانت بالأيمان اللازمة، وكان بين قوله: لا يحل لي دخول الدار؛ مهلة صالحة.

فجاوب بن عتاب: تصفحت رحمنا الله وإياك. خطابك، (وإذ) قد أقر الحالف أن يمينه التي ذكر وادعي ما ادعي؛ الحكم عليه العقوبة مع ذلك لحلفه ما حلف، وأفلا يصدق

<<  <   >  >>