وهذا عندي صواب وكان قد حكى لي عن أبي عمران بن القطان فيها شيء لم أتحققه، وبالله التوفيق.
باع دارا أو أسطوان دار، وشرط على المبتاع ألا يجعل فيها طاحونة: ابتاع رجل أسطوان دار، وعقد الوثيقة في ذلك أبو محمد بن الشقاق، فكتب اشترى فلان بن فلان من دراه التي بحاضرة قرطبة، بحومة مسجد كذا وحدها كذا، جمع أسطوان هذا الدار (المكشوف إلا على بقاعة هذا الأسطوان)، وحيطانه (المحدقة به) من جهاته الأربع، مع باب الدار، والعتبة، وما تبقى من حوائز الغرفة التي كانت عليه، والمدخل إلى ذلك كله، والمخرج منه إلى باب الدار، على أن يقلع البائع باب الفصيل الذي كان يفضي منه إلى الدار المحددة، ويبني البائع باب الفصيل بنيانا حسنًا بالطوب، بعد أن يجعل لها أساسًا مما يصلح له.
وشرط البائع على المبتاع؛ ألا يجعل في هذا الأسطوان طاحونة يطحن عليها كما يطحن على المطحونات، وعلى ذلك انعقدت صفقة التبايع، ثم إن المبتاع جعل في الأسطوان طاحونة، فقام عليه البائع في ذلك عند صاحب السوق فشاور فيه.
وجاوب ابن طاحون وأبو على المسيلي:
البيع جائز والشرط ساقط، وللمبتاع إقامتها. زاد المسيلي: ويمنع من الضرر.
وجاوب أبو المطرف (عبد الرحمن) بن جرح:
البيع جائز، والشرط جائز، ويقضي على المبتاع بقطع الطاحونة.
وجاوب أبو عبد الله بن عتاب:
قرأت ما خاطبتنا به، وفحصته، والعقود المنعقدة في البيوع بالشروط في مددها تنقسم إلى أربعة أقسام:
قسم منها: يصبح فيه البيع والشرط، وقسم ثان: يصبح البيع فيه ويبطل الشرط، وقسم ثالث: يبطل البيع فيه والشرط، ويغلبان على فسخ ذلك.
وما خاطبتنا به ليس من هذه الأقسام الثلاثة ولا من بابها، وهو من القسم الرابع: الذي الشروط فيه مكروهة، فإن وقع البيع بها؛ خير مشترطها إن كان المبيع لم يفت في إسقاطها، ويصح البيع وينفذ، أو التمسك بها ويفسخ البيع بها، وإن فات المبيع سقط