للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا كله واضح بين لائح، لا خفاء فيه، ولا إشكال في صحة معانيه.

ويزيد ذلك وضوحًا وبيانًا ما لابن القاسم في سماع أصبغ فيمن باع سلعة بثمن إلى عشرين سنة أو ثلاثين. قال: أما الثلاثين فلا أدري، ولكن عشر وما أشبهه، وكرهه أيضًا إلى العشرين قال: فإن وقع لم أفسخه، ولو كان إلى السبعين فسخته، وكذلك أفسخ النكاح بصداق مؤجل إلى عشرين سنة وأكرهه ابتداء.

قال أصبغ: وكذلك إلى الثلاثين فيه وفيه البيع، قال أصبغ: ولا أرى به بأسًا إلى خمسة عشر عامًا وعشرين؛ لأن مالكًا قد سئل عن العبد يؤاجره سيده الخمس عشرة سنة ونحوها فقال: لا بأس به، وهو جائز، والنكاح فيه أبين وآمن.

وفي كتاب النكاح من الواضحة قال أصبغ: شهدت ابن القاسم وابن وهب تذاكرا أجل الكالئ، فقال ابن وهب: فيه العشرون وما جاوزها فمفسوخ، قال ابن القاسم: وأنا معك على ذلك ثم رجع ابن القاسم فقال: لا أفسخه إلى العشرين، ولا إلى الثلاثين، ولا إلى الأربعين، وأفسخه فيما فوق ذلك.

قال أصبغ: وبه آخذ قال ابن حبيب: إن جاوز ذلك فسخ، وإن كانت الأربعون كثيرًا جدًا. وحكي ابن المواز عن ابن القاسم أنه يفسخ إلى الأربعين فما فوق، وحكي أيضًا أنه يفسخ إلى الخمسين، فقد أجمعوا على فسخ النكاح في الخمسين.

وقال أصبغ: النكاح أبين وآمن من البيع والإجارة، وهذه المسائل كلها أوضح في الرخصة في تطويل الأجل من تطويله في عقد الراء، إذ ليس فيه إلا الخروج في العقد عن المعهود، ومثل هذا إذا وقع مردود لقول النبي عليه السلام: "من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد (١) " وكله صريح ببطلان ما ذكر من جواز الكراء إلى السبعين والخمسين والحمد لله رب العالمين.

وأما مسألة سحنون التي في نوازله فيمن حبس دارًا له على ولده وولده ولد الأتباع، ولا تورث حبسًا صدقة وهم صغار أو كبار، فأكراها المحبس من رجل خمسين سنة وأكثر، وقبض الكراء ثم مات بعد ذلك بيسير وهو مليء أو عديم، فأراد المحبس عليهم فسخ الكراء.


(١) الحديث أخرجه البخاري ج ٢، ص ٩٥٩ برقم ٢٥٥٠، ومسلم ج ٣، ص ١٣٤٣ برقم ١٧١٨.

<<  <   >  >>