ومن قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من حديثه بتوفيق الله وهدياته، ولا يكون إن شاء الله كاحتجاج من احتج لمالك في إجازة الشهادة على الخط وسطر يده، وقال: الدليل على ذلك قول الله عز وجل: {ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم}(الأحقاف: من الآية ٤): أن بعض المفسرين قال: هو الخط، فتوهم أن الخط الذي ذكره المفسرون هو خط الكتاب، وهذا جهل منه بالصواب، إنما هو الخلط الذي روي في بعض الآثار أن نبيًا كان يخط، فمن وافق خطه فذلك. هذا معنى الحدث، وهو الخط في التراب، وبالله التوفيق.
قال القاضي:
شاهدت هذه المسألة وشافهني فيها أبو عبد الله ابن عتاب، وأنا قلت له: كيف تراك ابن القطان ما لابن القاسم في المدونة، وما لأصبغ في العتبية، واستشهد بما حكاه ابن حبيب عن أصبغ، وهذا هو التقصير بعينه.
ولقد كنت جالسًا مع ابن مالك في الجامع بقرطبة، في الجامع بقرطبة، فقال لي: ما تقول في الغائب يقام عليه بالشفعة، هل يقضي عليه في ذلك؟ فقلت له: نعم، فقال لي: قال مالك: لا يقضي على الغائب في الأصول، فقلت له: هذا معنى آخر، وهذا قبل أن أعلم بتفوى ابن القطان في ذلك.
ثم ورد عليه ذلك المجلس بعض الطلبة فقال له: هل وجدت خلافًا فها؟. يعني في هذه المسألة في الشفعة؟ فقال له: لقد طلبتها في المبسوط فما وجدت خلافًا؛ إنكارًا منه لجواب ابن القطان، وظنوا أنها قوله لقائل.
وقول ابن القطان: وقال بعض أصحاب مالك: إنه لا يحكم على غائب في شيء إلى آخر ذلك، هو قول ابن الماجشون في كتاب ابن حبيب في مسالة طويلة، فيها ورقة في كتاب منهاج القضاة، فاختصرت منها ما أورده، ولم يصرح باسمه إخفاء لموضعه وإبهامًا بغرابته، وبدرت هذه المسألة إلى ذكره، وعزبت مسائل الشفعة عن باله ولم تجر على خاطره، فأضل مواضعها، وأخطأ الصواب فيها، ولم يحصل في جوابه على شيء منه، وحاز به إيثار خلاف ابن عتاب، ولو كان إنصاف لأثر الائتلاف على الخلاف.
وفي الشفعة من أحكام الواضحة نحو ما في المدونة وفي الموازية وغيرها وفي الشفعة على الغائب، وكذلك في الجدار لعيسى بن دينار، ولولا التطويل لنقلت ذلك على نصه، وفيما ذكره ابن حبيب كفاية، ولا خلاف في هذا موجود وبالله التوفيق والتسديد، وما