قال وسألت أصبغ عن ذلك، فقال لي مثل قول مطرف حرفًا بحرف. قال ابن حبيب: وهو أحب إلي، وأبين لدي، وبه أقول.
وقال فضل: مذهب ابن كنانة وسحنون في ذلك كمذهب ابن الماجشون، إلا إن كان أحد القاضيين جائزًا فالخصومة عند الأعدل. ومذهب ابن القاسم في القسمة من المختلطة كمذهب مطرف وأصبغ وعيسى وابن حبيب: أن التحاكم حيث المدعي عليه.
قال القاضي:
واختصرت بعض هذه المسائل تخفيفًا، وقد ذكرنا ما يحتاج إليه منها، ونبهنا على مواضعها لمن أراد مطالعتها في أمكنتها، فيما أوردناه يكمل جواب الشيوخ فيما قدمناه، والله نسأله توفيقه وهداه.
الشهادة في غيبة بهلول أنه عاب منذ حين طويل:
من أحكام ابن زياد: نظرنا - وفقك الله - في شهادة من شهد في غيبة بهلول أنه غاب منذ حين، وهذه غيبة لا يجب بها السماع عليه حتى تقطع البينة أنه غاب منذ حين، ولا يدرون أين غاب، فيكون حينئذ كالمفقود، ويجب السماع عليه، أو يقولوا: غاب غيبة منقطعة، أو يسموا بلدًا لا يبلغه الإعذار فيه. قال بذلك ابن لبابة، وعبيد الله بن يحيى، وأيوب بن سليمان، وابن وليد، وغيرهم.
قال القاضي:
قولهم: حتى يشهدوا أنه غاب منذ حين أين لا يدرون، كلام غير مستبين؛ لأن الحين قد يكون ساعة أو شهرًا أو سنة، فحصره بأمد، أبين وأقوم للشهادة وأحسن.
قال مالك في مساع أشهب في جامع العتبية: يقال: حين يعرف، وحين لا يعرف؛ فمن الذي لا يعرف قوله:{ومتاعا إلى حين}(النحل: ٨٠)، وكذلك قوله تعالى:{هل أتى على الإنسان حين من الدهر}(الإنسان: ١) يريد ما مضى قبل ذلك من الدهر، وقبل خلق آدم. قال: والحين الذي يعرف قوله تعالى: {تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها}(إبراهيم: ٢٥) أي كل سنة.
وقال في النذور من المدونة: الحين سنة، فيمن حلف ألا يكلم رجلاً حينًا. وقاله ابن عباس وربيعة، ورواه ابن وهب عن مالك في الحين والزمان، وشك في الدهر أن يكون سنة.