للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصداق إن كان الوضع قبل الطلاق، قال: لو استزرعت أنها إنما تضعه لإضراره بها غير طيبة بذلك نفسها؛ نفعها ذلك. قلت له: فإذا وضعت على المبرأة ثم أثبتت الضرر أليس ينفعها وإن لم تسترع؟ قال: بلى. قلت: فأي شيء هذا مما تقدم، هذا تناقض! قال: ليس فيه تناقض، وكله يرجع إلى أصل واحد.

في امرأة أقرضت زوجها دنانير إلى أجل فطلقها قبل الأجل، فادعت أن ذلك التأخير إنما كان من أجل الزوجية:

نزلت هذه المسألة بقرطبة: أسلفت زوجها ثلاثين دينارًا ذهبًا، وأنظرته بها خمسة أعوام أو ثلاثة – الشك مني -، ثم طلقها بعد عام ونصف من تاريخ السلف. فزعمت أنها إنما أسلفته وأنظرته استدامة لعصمتها معه، ورجاء في حسن صحبته لها.

وكان التحاكم فيها عند أحمد بن بقي، فشاور في ذلك فأفتى ابن عتاب القول قول المرأة فيما ادعته من ذلك، وتحلف ثم تأخذ حقها منه حالاً، وبذلك أفتى الشيوخ فيها قبل هذا: أن القول قولها مع يمينها؛ إذ هو الظاهر من أمر النساء أنهن يفعلن ذلك، فهو كالعرف الذي يصدق فيه من ادعاه.

وقد قال عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ذكره مال في الموطأ وغيره -: من وهب هبة لصلة رحم أو على وجه الصدقة لا يرجع فيها، ومن وهب هبة يرى أنه إنما أراد بها الثواب، فهو على هبته ويرجع فيها إذا لم يرض منها – فحكم (رضي الله عنه) بما دلت عيه الحال، فكذلك هذه.

وكان قد خالفه فيها أبو عمر بن القطان، فجمعت حينئذ مسائل تدل على صحة جواب الشيخ ابي عبد الله فيها، من ذلك في كتاب الوكالات من المدونة: إذا قال المقرض: قرض حال، وقال المستقرض: بل هو إلى أجل كذا.

قال ابن القاسم: القول قول المقرض ويأخذه حالا، يريد ويحلف؛ فصدقه لأنه فعل معروفًا، فهو فيه مصدق، بخلاف لو كان الدين من معاملة، وادعى الغريم أجلاً قريبًا، وقال ربه: بل هو حال، فالغريم مصدق مع يمينه، إلا أن يكون لأهل تلك السلعة أمر يتبايعون عليه قد عرف، فالقول قول مدعيه. وكذلك من قول مالك في كتاب الرهون: إذا قال المبتاع – وقد فاتت السلعة -: ابتعتها إلى أجل كذا، وادعى أجلاً قريبًا، صدق، وإن قال ابن القاسم: لا يصدق المبتاع في الأجل ويؤخذ الثمن حالاً.

<<  <   >  >>