كتب إلى شيوخنا بقرطبة سنة اربع وخمسين وأربعمائة: فيمن نحل ابنه نحلة انعقد عليها النكاح، فقال: ثلث مالي له نحلة، وكان ماله ثلاث مائة دينار، وأصولاً قيمتها ذلك، ولعيه دين مائة، ثم مات الناحل، فقال ورثته لمنحول: إنما لك الثلث بعد دينه، وقال المنحول: بل ثلث ماله كله لي، وفي الثلثين متسع لدينه.
وكان ذاكرني بها أبو محمد يوسف بن عبد القاهر بن الغلاس البطليوسي، فكتب إلى ابن عتاب: إن كان الدين قبل النحلة فالدين مبدأ واللمنحول ثلث ما يبقى، وإن كان بعد النحلة فله ثلث الجميع، والدين بعدها في الثلثين الباقيين، إلا أن يقصرا عن الدين، فستحسن أن يستتم الدين من ثلث النحلة، لأن الدين فرض واجب، والنحلة وإن كانت قد انعقد عليها النكاح، فقد كان كثير من الفقهاء يقول: لا تصح إلا بحيازة كسائر العطيات، والله أعلم بالصواب.
وكتب ابن القطان:
إذا كان معلوم المال في وقت عقد النحلة، فثلث ماله لمنحول، ويخرج الدين بعد ذلك؛ لأن المال ماله حتى يخرج الدين، هذا مذهب مالك.
وكتب ابن مالك:
إنما للمنحول ثلث مال الناحل بعد الدين؛ لأن الدين ليس من ماله.
فيمن حبس على ولده وأعقابهم فإن انقرضوا رجع إلى المحبس، وإن كان لهم عقب رجع عليهم:
كتب بها إلى القيروان من أشبيلية: الجواب – رحمك الله – فيمن حبس حبسًا على ولده وأعقابهم وأعقاب أعقابهم، فإن ماتوا رجع إلى المحبس إذا لم يكن لهم عقب، وإن كان لهم عقب رجع عليهم؛ هل يجوز هذا الشرط وينفذ الحبس للعقب من رأس المال، وقد حيز في صحة المحبس، ولا يرد هذا الحبس الدين الحديث، أو يكون بمنزلة ما رواه يحيى في الذي يعطي العطية لأخيه، فقال: تكون في الثلث. وعرفني هل الحبس بمنزلة العمري التي ذكرها أشهب عن مالك، فيمن شرط في العمرى إن مات المعمر رجعت إليه، وإن مات هو بقيت للمعمر، وحازها المعمر في صحة المعمر؟
فقال: الشرط جائز، وكذلك سنة العمري، شرط ذلك أو لم يشترط، فهل يكون