للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال القاضي:

وتكلم معي في ذلك، وقال: وجه نقصانه أن القائم محمد أثبت موت أبيه المحبس عليه وراثته، ولم يثبت أنه لا عقب له غيره، ومحتمل أن يكون له عقب فيكونوا شركاء هذا القائم في الحبس، فلا غنى به عن إثبات ذلك، كما أثبت وراثته للإعذار إلى الورثة، فكذلك يثبت عقبه ليعلم الحكم الجزء الذي يحكم به للقائم، ألا ترى أن من طلب حقًا وجب له ميراثه له عن موروث أنه لا يصح له حكم حتى يثبت عدد الورثة، وإلا لم يحكم له القاضي بشيء، وهو بين في شهادات المدونة، فكذلك العقب في التحبيس، وهذا هو الصواب إن شاء الله.

قلت له: ولم لا يلزم الإعذار إلى المرضي، ومرجع الحبس إليهم؟ فقال: لقول المحبس: ثم على المرضي فإنما يتعين لهم حق في الحبس بعد انقراض العقب، وأما عقب العقب فلهم الدخول مع آبائهم في الحبس، قوله: وعلى عقب عقبه. والواو للاشتراك فاعلم.

وقال لي بعد ذلك: إن القاضي كشف عن العقب فألفى منهم من يشرك القائم في الحبس، وكنت أعلمت ابن عتاب بقول ابن مالك في ذلك، فقال لي في هذا شيء مستغني عنه، وما أظن سكوته - أي ابن عتاب - وسكوت ابن القطان عنه إلا إغفالا، والله أعلم.

وأفتى ابن القطان في جنة بجهة الزاهرة شرقي قرطبة محبسة على بني برطان تقبلت لثلاثة عشرة عامًا، وكان سوادها تبعًا لبياضها بفسخ القبالة فيها لطول هذه المدة، وطول المدة في كراء الأحباس.

فيه تنازع، وقال اصبغ في الثمانية: من حبست عليه دار وعلى ولده من بعده فأكراها المحبس عليه سنة أو سنتين وقبض الكراء، ثم مات بعد أشهر؛ فلولده فسخ الكراء؛ لأنه قد انقضى ما كان لأبيهم من الحبس، وصار لهم، ويرجع المكتري في مال الميت فيأخذ ما بقي له من الكراء، وسواء كان ولده صغارًا أو كبارصا، وهو كمن أكرى داره ثم استحقها مستحق؛ فله فسخ الكراء.

وقال ابن الماجشون في النوادر: يجوز كراء ولي الصدقة لما يجوز من النظر والحظ، السنة والسنتين، وما يجوز مثله للوكيل، ولا يجوز له التطويل، لأنه إنما يليها ما دام حيًا، وقد يتعرض حكمه فيها بعد الموت، وإن أمكن ذلك في القليل، فليس مما دخل فيه مدخل

<<  <   >  >>