للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآخر في الأغلب، ولا يجوز أن يكربها بنقد؛ لأنه قد يضع في ذلك.

والكراء لا يقسم عليهم قبل سكنى المكتري؛ لأنه إنما يقسم على من حضر يوم القسم، فمن ولد قبله ثبت حقه، ومن مات قبله سقط، وإن قسم قبل وجوبه بالسكن؛ فقد يموت من أخذ منه قبل أن يجب له ويحرم من جاء ممن يولد، وإن أكرى ما مرجع الرقبة لآخر بعده فلا يلزم ما بقي من المدة بعد موته، وإن قل بخلاف ولي الحبس الذي ذكرنا أنه يلزم ما قل من عقده؛ لأن الذي لغيره المرجع ليس له أن يعقد على غيره، وليس بيده من ولاية الصدقة ما بيد الولي الآخر، وهو إنما يكري لنفسه؛ ليس بولي على غيره، فهو يجوز له أن يعقد كراء مثل الأربع سنين والخمس.

وقد أكرى مالك منزله لعشرة سنين وهو صدقة على هذه الحال، واستكثر المغيرة وغيره عشر سنين، فما أبيح له فيه الوجيبة فهو جائز له فيه السلفة؛ لأنه إنما تسلف لنفسه، وإنما الخطر فيه لكثرة السنين لطول عمره، أو قصره، فهو إذا مات يرد ما بقي فصار سلفًا، ولا يدخل من الحظر في القرب ما يدخل في البعد.

وهذه المسألة في المبسوط لإسماعيل بن إسحاق القاضي عن عبد الملك بن الماجشون، وفي الصدقة من العتبية، وفي سماع أشهب وابن نافع عن مالك: فيمن تصدق بدار له على مواليه وأولاد أولادهم، فإذا انقرضوا رجعت إلى ولده، فكانت كذلك حتى بقي منهم واحد فأكراها من بعض ولد المحبس عشرين سنة، فأنكر ذلك باقي ولد المتصدق، وقالوا: نخاف أن يموت المولي في العشرين سنة فتقوم علينا بحيازتك.

قال مالك: إذا مات هذا المولي انفسخ الكراء، ولقد أكثر في السنين فليكتبوا عيه بذلك كتابًا، ويتوثقوا عليه فيه.

وقال ابن العطار في وثائقه:؛ ولا تجوز القبالة عند ابن القاسم في روايتاه عن مالك في الأحباس على قوم بأعيانهم، إلا لعامين ونحوهما، وبه القضاء للغرر الذي فيه بانتقاض قبالة من مات منهم، وقد تستأنف أيضًا لمن ولد منهم ممن له الدخول فيه.

قال: واستحسن القضاة عقد قبالة أحباس المرضي والمساكين والمساجد لأربعة أعوام خوفًا أن تدرس الأحباس بطول مكثها بيد متقبليها.

ورأى أهل البصر هذه المدة أقصى ما تبقى منفعة الزبل في الأرض، والمتقبل يزيل ويعمر. وبما ذلك ابن العطار شاهدت العمل بقرطبة، إلا قبالة الدور والحوانيت والفنادق.

<<  <   >  >>