المحبسة على المساجد وغيرها، فإنها تعقد في كل عام يجتمع لها عند القاضي في ذي الحجة من كل عام بعد عيد الأضحى بثمانية أيام، وينادي عليها ويعقد للعام الداخل.
وقد خوطبت من بطليوس وأنا بأشبيلية في أرض ذلك أهها محسبة ولم تحز، وأكراها من كانت بيده وكن نساء لخمسين عامًا، وغرسها المكترون وكانوا جماعة، فلما مضى من الأمد نحو ثمانية أعوام فمن يطلبن فسخ الكراء؛ لأن الأرض محبسة عليهن، وأفتايت بنقض الكراء في الحبس وغيره إذا انعقد لهذه المدة لطولها وخروجها عن المعروف، وذكرت أنه لا حجة لمن جوز هذا في التي في نوازل سحنون، واستشهد على ذلك بالكالئ يؤجل إلى مثل هذا الأجل، وبتأجيل ثمن البيع إلى مثله: أن ذلك مما يفسخ به النكاح والبيع، وعلى ما في الواضحة وغيرها.
وتركت نقل ذلك على حسب ما أفيت به كراهة التطويل، وفيما ذكرناه مقنع، وكذلك اختصرت بعض ألفاظ الروايات تخفيفًا دون إخلال بالمعنى الذي قصدناه، وقد تقدم هذا المعنى في باب الشفعة، والله الموفق للصواب.
نقل شهادة شاهد لمرضه في حبس:
من أحكام ابن زياد: فهمنا - وفقك الله - ما كشفتما عنه من شهادة محمد بن مسور ومحمد بن عبد الملك بن أيمن الناقلين إليكما شهادة إبراهيم بن عيسى، وأنهما قالا في شهادتهما: أن إبراهيم في وقت إشهاده بحال لا يقدر على الخروج لأدائها في الكتاب الذي هو الصك مفرط منه، فرأيناه شهادة تامة، فإذا أشهد بمثل شهادة إبراهيم شاهد آخر ممن تقبله نمت الشهادة، ووجب الحكم لمن شهد له به بعد الإعذار إلى من شهد عليه في الشاهدين، وفيما شهدا به، فإن لم يكن عنده مدفع أمضى عليه الحكم وأشهدتما على ثبوت الكتاب بشهادة الشاهدين بعد ثبوت عدة ورثة المحبس عندكما أيضًا، والإعذار إلى من لم يقم عندكما طالبًا لنفاذ الحبس من الورثة، وإن كان في الورثة من لم يدخل في الحبس، أعذر إليه أيضًا. قال ابن لبابة، وأيو، وعبيد الله، وغيرهم.
قال القاضي:
وبقي من المسألة يسير كان درس في الكتاب الذي كتبت منه فتركته، وحكم في هذه المسألة حكمان، ولا أعلم من هذا إذا لم يسميا في الكتاب والله أعلم.
وقد تقدمت في أول الكتاب مسألة حسنة في الشهادة على الخط في الأحباس.