للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيمن ورث مالا فاستحق بيده حبسًا، قيل للقاضي ابن زرب: هل على هذا الوارث غرم ما اغتل منه؛ إذ لا ضمان عليه فيه؟ قال: أما على قول ابن القاسم فلا خراج عليه، وقد نزلت عندنا بقرطبة فقضى بذلك، وأما على قول سحنون فعليه الخراج.

قال القاضي:

قول ابن القاسم الذي أشار إليه ابن زرب في هذا الجواب، هو قوله في كتاب الاتسحقاق من المدونة، فمن اشترى جارية بكرًا فافتضها أو ثيبًا فوطئها. ثم استحقت حرة فلا شيء عليه في وطئها، ورواه عن مالك. وكذلك لو استحقها مالك أنها أمته.

وقال سحنون: ينبغي أن يكون عليه ما نقصها؛ لأنها منفعة وصلت إليه.

وفي سماع عيسى عن ابن القاسم فيمن اشترى عبدًا فخارجه أو كاتبه أو استخدمه، ثم استحق حرًا، أنه لا يرجع على المبتاع بغلة ولا كتابة ولا أجرة خدمة. وفي المسألة طول ولها نظائر في الواضحة، وغيرها.

وقال المغيرة في هذا: له الرجوع بما اغتل منه، وقع في النوادر، وهو قول سحنون، ولابن القاسم ما يعارض هذا الأصل في المدونة، وهذا مثل مسألة بيع الحبس مجتمعًا، إذا وقع كيف يكون الحكم فيه.

وأجمع مالك وأصحابه على المنع من بيع الأصول المحبسة العامرة، وهو المشهور من قولهم فيها، وإن خربت، واحتجوا في المدونة وغيرها ببقائها خرابًا بالمدينة، فدل على أن بيعها غير مستقيم.

وكذلك لمالك في الموازية في المعارضة بها، إلا أنه وقع في كتاب الحاوي لأبي الفرج المالكي: أن قول مالك اختلف في بيع الوقف إذا خرب.

وأما غير الأصول كالعبيد والثياب تبلى ويتخلق العبيد أو تضعف الدواب؛ فروي ابن القاسم وابن وهب عن مالك: جواز البيع والاستبدال في ذلك.

قال في المدونة: وقد رأى غيره أن ما جعل في سبيل الله من العبيد والثياب لا يباع، ولو بيعت لبيع الربع المحبس إذا خيف عليه الخراب، وإن كان قد روي عن ربيعة خلاف لهذا في الرباع والحيوان إذا رأى الإمام ذلك.

وفي موطأ ابن وهب: أن ربيعة أرخص في بيع ربع دثر وتعطل، ويعارض به في ربع نحوه في عمارة، يكون حبسًا.

<<  <   >  >>