للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرصة محبسة للتدافن فيها أراد رجل فتح باب دار إليها:

جوابك – رضي الله عنك – في عرصة ابتاعها رجل بلصق مقبرة للمسلمين، وحبسها ليدفن فهيا من يموت من ولده وأهله، ولرجل يلصق هذه العرصة دار بابها إلى الطريق، فحبس منه قطيعًا وفتح باب هذه الدار إلى تلك العرصة، فمنعه ورثة محبسها، وقد تدافن فيها من مات من أهل المحبس، وقالوا: فتحك بابًا إلى مقبرتنا مما يضرنا فيها بالطريق الذي تحدثه لتختلف عليه من دارك، وقد كان لها باب إلى الطريق وتختلف عليه أيضًا لقبورك أنت ومن له قبر، وتكررك بالدخول والخروج لعيها تبديل للحبس وتغيير له، وليست الطريق مباحة على المقابر.

وأفتى بعض الفقهاء: أن الرسول عليه السلام كان يشق المقابر، ولو كان المشي عليها من الضرر ما فعله، وإنما كره ابن حبيب المي على أسنمتها لا بينها، واحتج بهذا محدث الباب إليها.

وقال غير هذا المفتي: المشي على المقابر لمن كان له قبر ضرورة، ويؤمر بالتحفظ من المشي عليها لئلا يهدمها، وللضرورة أحكام، وأما من كانت له طريق يمشي عليها فعدل عنها إلى إحداث غيرها، ليسلك إلى مقبرة عليها، ولعلها مع تقادم لاسكنى تنتقل الدار إلى من يعمرها بالخمر وغيرها من المرحمات، فتكون سببًا إلى استعمالها في المقابر، وتصير المقبرة مسلكًا لأهل الشر، ولهذا المعنى يمنع من فتح باب في المسجد للانتفاع به، فعرنا – وفقك الله – بالصواب عندك من هذا، وبالجواب فيه، مأجورًا إن شاء الله.

قال القاضي: كتب بهذا أشبيلية إلى القيروان.

فجاوب أبو بكر بن عبد الرحمن:

الذي يظهر لي من الجواب والله الموفق للصواب – أن لهم منعة من إحداث ذلك عليهم؛ لأن ذلك يضر بهم وبقبورهم، وهو شيء لازمن في كل الأوقات، والمرور في المقابر إلى القبور من نادر الأمور، وبهذا يريد أن يجعله حقًا لازمًا ولمن يسكن الدار معه وبعده من مكتر أو مالك، وقد يتسع ذلك إلى سلوك الدواب وغيرها؛ فيكون ذلك من الضرر، وبالله التوفيق.

وجاوب أبو عمران:

هذه الوجوه التي احتج بها أهل المقبرة إذا كانت طريقًا باقية بينه ظاهرة، وأما لو

<<  <   >  >>