للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نفس القضاء، كأن يكتب على العبد بلاء ينزل به، إن لم يدع وسبق في القضاء أن يدعو، فيدفع عنه، ويكتب له أجل، إن بر والديه أو وصل رحمه زيد له إلى أجل آخر، وسبق في القضاء أن يبر أو يصل، ليبلغ الأجل الأقصى، ويكتب له رزق يستوفيه إن لم يفعل المعصية المخصوصة، ويتعلق في القضاء أنه يفعلها، فيحرم الرزق، كفارة لتلك المعصية، ويكون الواقع هو القضاء المبرم في أم الكتاب، الذي لا محو فيه، ولا إثبات، وإنما المحو والإثبات في اللوح المحفوظ، المكتوب فيه القضاء المعلق، وإليه الإشارة بقوله تعالى ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾. (١)

وقد أشار الجد شيخ الإسلام الرضي الغزي إلى ذلك في "الدرر اللوامع" بقوله:

والمحو والإثبات في نص الكتاب … في لوحة المحفوظ لا أم الكتاب

وبهذا يرتفع الإشكال الوارد على مذهب أهل السنة، الناطق به الكتاب والسنة من أن الأجل والرزق مقسومان، وأن كل شيء من نعمة أو بلاء أو غيرهما بقضاء وقدر؛ لحديث ابن عباس المذكور آنفًا وأمثاله.

وكذلك ما اشتهر على الألسنة من قولهم: إن المعاصي تزيل النعم.

وأسند (هـ) عن أبي الحسن الكندي القاضي:

إذا كنت في نعمة فارعها … فإن المعاصي تزيل النعم

ويروى عن أنس، وعن عائشة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم دخل عليها فرأى كسورة ملقاة، فمسحها، وقال: "يا عائشة، أحسني جوار نعم الله، فإنها ما نفرت عن أهل بيت فكادت أن ترجع إليهم".

٣٦٩ - (إن الله لا يهتك عبده أول مرة).


(١) سورة الرعد: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>