للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيا: علم نزول القرآن الكريم:

هو العلم الذي يختص بنزول القرآن الكريم، من عند الله - عز وجل - (١).

وعند النظر في نزول آيات القرآن الكريم، نجده على أحوال متعددة فقد تنزل الآيات خمسًا أو عشرًا، أو أقل من ذلك أو أكثر، وحينًا ينزل بعض آية في وقت، ثم تنزل تتمتها في وقت لاحق، وقد يطول الفاصل، أو يقصر، ولله في ذلك الحكمة البالغة (٢).

ومن تلك الأحوال ما يكون مبيِّنًا لما سبقه، أو مخصِّصًا، أو مفصِّلًا ... فيتبين بنزول اللّاحق معانٍ وأحكام، لم تكن معلومة من قبل، ومن ذلك ما يأتي:

أولا: ما روي عن سهل بن سعد (٣) - رضي الله عنه - أنه قال: " أُنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (٤)، ولم ينزل: {مِنَ الْفَجْرِ} (٥)، فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلِهِ الخَيْطَ الأَبْيَضَ وَالخَيْطَ الأَسْوَدَ، وَلَمْ يَزَلْ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ رُؤْيَتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدُ: {مِنَ الْفَجْرِ} (٦)، فَعَلِمُوا أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ " (٧).


(١) نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، للأستاذ الدكتور: محمد الشايع (ص: ٥)، بتصرف يسير.
(٢) يُنظر: الإتقان في علوم القرآن، للسيوطي (١/ ١٥٥).
(٣) هو أبو العباس سهل بن سعد بن مالك بن خالد الأنصاري الخزرجي الساعدي، وكان اسمه حزنًا، فسماه رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سهلًا، له ولأبيه صحبة، توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره خمس عشرة سنة، توفي سنة ٨٨ هـ.، وقيل ٩١ هـ، وعمره مائة سنة. يُنظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٢/ ٦٦٤)، وأسد الغابة (٢/ ٥٧٥).
(٤) سورة البقرة: ١٨٧.
(٥) سورة البقرة: ١٨٧.
(٦) سورة البقرة: ١٨٧.
(٧) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الصوم، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ... الآية}، (٣/ ٢٨)، رقم الحديث: ] ١٩١٧ [، ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر .. ، (٢/ ٧٦٧)، رقم الحديث: ] ١٠٩١ [بنحوه، وكلاهما عن سهل بن سعد.

<<  <   >  >>