للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولها لفظان، وهما: "حتى" و"إلى" (١).

قال الرازي: "التقييد بالغاية يقتضي أن يكون الحكم فيما وراء الغاية بالخلاف".

نحو قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)} (٢).

المبيَّن: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}. البيان المتَّصل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (٢٩)}.

المعنى الإجمالي للبيان المتَّصل:

أي قاتلوا الذين لا يصدّقون بتوحيد الله، ولا بالبعث بعد الموت، ولا يُحرّمون ما حرّم الله ورسوله في التوراة والإنجيل والقرآن، ولا يخضعون لدين الحق، ولا يقرُّون بشهادة لا إله إلا الله.

وكان أهل الكتاب يقرُّون بالله، ولكنّهم لا يقرّون بما أعلم الله تعالى، فليسوا يدينون بدين الحق، يعني: دين الإسلام، فأمر الله تعالى بقتلهم إلا أن يعطوا الجزية عن قهرٍ وذلٍ، أو عن إنعامٍ عليهم بذلك، لأن قبول الجزية وترك أنفسهم يدٌ ونعمة عليهم، وإن لم يفُوا ولم يعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون، يقاتلون حتى يسلموا (٣).


(١) إرشاد الفحول (١/ ٣٧٨)، للاستزادة، يُنظر: الإبهاج في شرح المنهاج (٢/ ١٦٠)، وما بعدها، البحر المحيط في أصول الفقه (٥/ ١٧٨).
(٢) سورة التوبة: ٢٩.
(٣) يُنظر: معاني القرآن وإعرابه (٢/ ٤٤٢)، وتفسير السمرقندي (٢/ ٥١، ٥٢)، وتيسير الكريم الرحمن (ص: ٣٣٤).
"قتال الكفار على ثلاثة أنواع: في وجه: يقاتلون حتى يسلموا ولا يقبل منهم إلا الإسلام، وهم مشركو العرب والمرتدون من الأعراب أو من غيرهم. وفي وجه: يقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية، وهم اليهود والنصارى والمجوس. فأما اليهود والنصارى فبهذه الآية، وأما المجوس فبالخبر، وهو قوله صلّى الله عليه وسلّم: «سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الكِتَابِ» وفي الوجه الثالث: اختلفوا فيه، وهم المشركون من غير العرب وغير أهل الكتاب، مثل الترك والهند ونحو ذلك، في قول الشافعي: لا يجوز أخذ الجزية منهم، وفي قول أبي حنيفة وأصحابه: يجوز أخذ الجزية منهم، كما يجوز من المجوس، لأنهم من غير العرب". يُنظر: تفسير السمرقندي (٢/ ٥٢).

<<  <   >  >>