للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الشّوكاني: "إن قوله: {قاتلوا} أمرٌ بالعقوبة، ثم قال: {الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، فبيّن الذنب الذي توجبه العقوبة، ثم قال: {وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ}، فأكّد الذنب في جانب الاعتقاد، ثم قال: {وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}، فيه زيادةٌ للذنب في مخالفة الأعمال، ثم قال: {وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ}، فيه إشارةٌ إلى تأكيد المعصية بالانحراف والمعاندة والأَنَفة عن الاستسلام، ثم قال: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} تأكيدًا للحجة عليهم لأنهم كانوا يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل، ثم قال: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}، فبيّن الغاية التي تمتد إليها العقوبة" (١).

قال السعدي - رحمه الله -: " أمَره بقتال هؤلاء وحث على ذلك، لأنّهم يدعون إلى ما هم عليه، ويحصل الضرر الكثير منهم للناس، بسبب أنهم أهل كتاب، وغيّ (٢) ذلك القتال {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} أي: المال الذي يكون جزاءً لترك المسلمين قتالهم، وإقامتهم آمنين على أنفسهم وأموالهم، بين أظهر المسلمين، يؤخذ منهم كل عام، كل على حسب حاله، من غنيٍ وفقيرٍ ومتوسطٍ، كما فعل ذلك أمير المؤمنين عمر بن


(١) فتح القدير (٢/ ٤٠٠)، نقلا عن أبي الوفاء بن عقيل.
(٢) الغَايَةُ: مَدَى الشَّيْءِ، والمعنى: جعل له غاية. لسان العرب (١٥/ ١٤٣).

<<  <   >  >>