للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما "لأملأن" ففي "الأعراف": {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ} ١. وهذا الثالث متعدد.

وأما "إطفأها" ففي "العقود": {كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} ٢.

واعلم أن مقتضى ما تقدم للناظم أن الهمزة في هذه الألفاظ تصور بالألف وجها واحدا، إلا أنها لما جاءت بالوجهين فصورت في بعض المصاحف بالألف، وفي بعضها بدونها نص عليها ليفيد أنها مستثناة في المعنى مما تقدم، والعمل عندنا على تصويرها بالألف في الألفاظ الأربعة، وقوله: "إن حذفت"، شرط ومفعول "حذفت" محذوف تقديره صورة الهمزة، وقوله: فحسن، خبر مبتدأ محذوف تقديره فهو -أي: الحذف حسن و: "أطفأها"، نائب فاعل "أثر"، وهو على حذف ثلاث مضافات أي: روي عن أبي داود خلاف صورة همزة: "أطفأها" أي: الخلاف فيها ويفهم هذا التقدير من سياق الكلام السابق ومن اختياره التصوير، والألف في قوله: "أثرا" و"يصورا" للإطلاق.

ثم قال:

وما يؤدي لاجتماع الصورتين ... فالحذف عن كل بذاك دون مين

لما ذكر في الفصول الأربعة المقدمة أن من أحكام الهمزة تصويرها تارة من جنس حركة نفسها، وتارة من جنس حركة ما قبلها قيد تصويرها بما تضمنه هذا البيت، فأخبر مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل عن كل من كتاب المصاحف بأن كان صورة للهمزة مؤدية أي موصلة بسبب كتبها، وتصويرها على ما تقدم إلى اجتماع صورتين يعني متماثلتين من غير حائل بينهما في كلمة، أو ما تنزل منزلة الكلمة، فإن الحذف حاصل في تلك الصورة المؤدية إلى ذلك دون مين، أي: كذب وسواء كانت الصورة الأخرى لهمزة أيضا أم لغيرها، وستأتي أمثلة ذلك للناظم قريبا، وإنما حذفت صورة الهمزة المؤدية إلى ذلك كراهة اجتماع المثلين.


١ سورة الأعراف: ٧/ ١٨.
٢ سورة المائدة: ٥/ ٦٤.

<<  <   >  >>