للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما "كلتا" ففي "الكهف": {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا} ١، واختلف في ألفه فذهب الكوفيون إلى أنها ألف تثنية وأنه مثنى لفظا، ومعنى وتاءه للتأنيث وذهب البصريون إلى أن ألفه للتأنيث، وأنه مفرده لفظا مثنى معنى وأن تاءه منقلبة عن واو كـ"تجاه"، و"تراث"، وقيل عن ياء وذهب الجرمي من البصريين إلى أن تاءه زائدة، وألفه مبدلة من واو، فعلى قول الكوفيين إن ألفه للتنية، وقول الجرمي أن ألفه مبدلة من واو لا يكون من هذا الباب، وعلى قول البصريين أن ألفه للتأنيث قياسه أن يكتب، فحيث كتب بالألف احتيج إلى استثنائه كالكلم السبع.

وأما "تترا"، ففي "قد أفلح": {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} ٢، وقد قرأه نافع، ومن وافقه بالألف دون تنوين، فقيل: أن ألفه للإلحاق، وقيل: للتأنيث، وإنه مصدر كدعوى، وعلى كل فتاؤه مبدلة من واو وهو من المواترة بمعنى المتابعة مع مهلة بين واحد وآخر، فعلى القول بأن ألفه للإلحاق لا يكون من هذا الباب وعليا لقول بأن ألفه للتأنيث يكون منه، أي: مما قياسه أن يكتب بالياء ولكن خولف في القياس، فكتب بالألف فاحتيج على ذلك القول إلى استثنائه كالكلمات السبع، ومقتضى إطلاق الناظم الحكم أن شيوخ النقل كلهم ذكروا الاحتمال في الكلمتين وليس كذلك، ثم لما ذكر الناظم الكلمات السبع المستثناة باتفاق المصاحف، وما في أحد احتماليه ملحق بها اتبعها بما اختلفت فيه، فأخبر في الشطر الثاني مع إطلاق الحكم الذي يشير به إلى اتفاق شيوخ النقل بأن كتاب المصاحف اختلفوا في: {نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ} ٣ في "العقود". و: {وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ} ٤ في "الرحمن"، فكتبوهما في بعض المصاحف بالياء، وفي بعضها بالألف، وأتى: بـ"أن" مع: "نخشى" خوفا من تصحيف المبدوء بالنون بالمبدوء بغرها نحو: {لا تَخَافُ دَرَكًا وَلا تَخْشَى} ٥ و: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} ٦، للاحتراز إذ لا نظير له في القرآن ولم يرجح في المقنع، في اللفظين وجها من الوجهين.

وقال أبو داود: وكلاهما حسن، وزاد في: "نخشى" اختيار كتبه بالياء على الأصل، والعمل عندنا على كتب: "نخشى" بالياء، وكتب: "جنا" بالألف وقوله: كذاك


١ سورة الكهف: ١٨/ ٣٣.
٢ سورة المؤمنون: ٢٣/ ٤٤.
٣ سورة المائدة: ٥/ ٥٢.
٤ سورة الرحمن: ٥٥/ ٥٤.
٥ سورة طه: ٢٠/ ٧٧.
٦ سورة فاطر: ٣٥/ ٢٨.

<<  <   >  >>