للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أتت وسكت عن بيان موضعها استغناء بما قدمه في قوله: "وما بواو أو بياء كتبا" البيت، من أنه يحلق على الواو والياء، وهذا القول اقتصر عليه الداني وهو المعمول به، والقول الثاني وهو مذهب أبي داود أنك تلحقها معانقة للام خارجة إلى يمناه، وهو معنى قوله: "وقيل يمناه بكل ألحقت" أي تلحق يمينه سواء كانت مما حذف اختصارا أو لوجود عوضه، ولا بد على هذا القول من أن يبتدأ بالإلحاق من رأس الحرف المعوض، ويمر به إلى جهة اليمين خارجا إلى يمين اللام مارا إلى أعلاه كما نصوا عليه، وليس في كلام الناظم ما يشعر بذلك، وأطلق في كلامه ومراده التقييد بما لم يقع بعده ساكن نحو: {الْأَعْلَى، الَّذِي} ١، و {الْمَوْلَى} ٢، فإنه لا يلحق لا يمين ولا يسار، والباء في قوله: "بواو" للمصاحبة وفي قوله "بكل" بمعنى "في ثم قال:

لكن من اسم الله رسما حطا ... واللات بالإلحاق فرقا خطا

لما قدم أن الألف المعانقة للام إذا حذفت لا بد من إلحاقها، وكان من جملة ما يدخل في ذلك لفظ الجلالة، وهو "الله" إذ هو مما حذفت منه الألف المعانقة للام، استدرك الكلام عليه هنا لكون حكمه مخالفا لما تقدم فقال: "لكن من اسم الله وسما حطا"، يعني أن ألف اسم الله لا تلحق بل تحذف من الخط رأسا، وإنما تثبت لفظا خاصة.

ومراده باسم الله لفظ "الله" على أي وجه ورد سواء كان مجردا من الزوائد نحو: {اللَّهُ رَبُّنَا} ٣، {قَالَ اللَّهُ} ٤، {إِلَى اللَّهِ} ٥، أو اتصلت الزوائد بأوله نحو {بِاللَّهِ} ٦، و {تَاللَّهِ} ٧ أو بآخره نحو "اللهم"؛ لأن لفظ الله موجود في الجميع، والزوائد بأوله لا عبرة بها، وقوله "رسما" احترز به من اللفظ، وعبر به عن النقط تسامحا لهذا المقصد، وهو الاحتراز من اللفظ، وقوله "حطا" في الشطر الأول بحاء مهملة بمعنى ترك، وأسقط والضمير المستتر فيه عائد على الألف المحذوف، وإنما لم يلحق الألف في لفظ الجلالة مع كونه متوسطا موجودا في اللفظ -والقاعدة فيما كان هذا لزوم إلحاقه- لما أشر إليه في الشطر الثاني، وهو القصد إلى أن يفرق بينه، وبين اللات الذي هو اسم صنم وهو


١ سورة الأعلى: ٨٧/ ١، ٢.
٢ سورة الحج: ٢٢/ ٧٨.
٣ سورة الأعراف: ٧/ ٨٩.
٤ سورة المائدة: ٥/ ١١٥.
٥ سورة المائدة: ٥/ ١٠٥.
٦ سورة يونس: ١٠/ ٨٤.
٧ سورة يوسف: ١٢/ ٩٥.

<<  <   >  >>