للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و {جَمَعَ مَالًا} ١، ومن النقاط من لا يجعل عليه الدارة، ويرى تعريته من الشد كافية واختاره أبو داود، وكأن الناظم على اختياره اعتمد، ولهذا لم يتعرض لجعل الدارة على الحرف المخفف إذا خيف تشديده، وبعدم جعلها عليه جرى عمل المتأخرين طلبا للاختصار، ثم قال:

وشدد الثاني من بأييكم ... وعر أولا لما قد يدغم

أشار هنا إلى النوع الثالث من أنواع زيادة، وهو الذي لا تجعل فيه الدارة، وذلك ما زيدت فيه قبل ياء مشددة وإليه أشار "بأييكم"، وقد كتب هذا اللفظ في جميع المصاحف بياءين، لكن بهما عند المحققين ليس على الزيادة، وإنما هو لما قدمناه في الرسم، وهو الدلالة على أن الحرف المدغم الذي يترفع اللسان به، وبما أدغم فيه ارتفاعه واحدة حرفان في الأصل والوزن، فلذلك أشار الناظم هنا إلى أن الضبط: {بِأَيِّكُمُ} ٢، جار على ما تقرر في باب الإدغام، وهو أن تشدد الثاني من الياءين، وتعري الأول منهما من علامة السكون لأجل الإدغام، وتكون الهمزة صفراء على الألف معها حركتها، وبهذا الضبط جرى عملنا في {بِأَيِّكُمُ} ٣، وجوز فيه الداني وغيره غير ما قدمناه.

تنبيه: مما يناسب ذكره في هذا الباب حكم الياء المتطرفة، هل هي معرفة إلى قدام -وهو المعبر عنه بالوقص- أو مردودة إلى خلف -وهو المعبر عنه بالعقص؟ ولا نص للداني في ذلك، وأما أبو داود فقال في قوله تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} ٤، إن ياءه في بعض المصاحف وقص وفي بعضها عقص، واستحب هو لمن قرأها بالفتح الوقص، ولمن قرأها بالإسكان العقص.

والحاصل أن الياء ثمانية أقسام: مفتوحة نحو: {هُدَايَ} ٥، ومضمومة نحو {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} ٦، ومكسورة نحو {فَبِأَيِّ} ٧، وساكنة حية نحو {ذَوَاتَيْ أُكُلٍ} ٨، وساكنة ميتة نحو {الَّذِي} ٩، ومنقلبه نحو {الْهُدَى} ١٠، وصورة


١ سورة الهمزة: ١٠٤/ ٢.
٢ سورة القلم: ٦٨/ ٦.
٣ سورة القلم: ٦٨/ ٦.
٤ سورة البقرة: ٢/ ١٥٢.
٥ سورة البقرة: ٢/ ٣٨.
٦ سورة آل عمران: ٣/ ٦٨.
٧ سورة الرحمن: ٥٥/ ١٦.
٨ سورة سبأ: ٣٤/ ١٦.
٩ سورة الماعون: ١٠٧/ ١.
١٠ سورة البقرة: ٢/ ١٢٠.

<<  <   >  >>