بهذا الكلام اعتذارا عما في نظمه من الخلل إن كان فيه، ثم رجا أن لا يكون فيه تغيير، فإن تخلف رجاؤه بأن تحقق فيه من اطلع عليه التغيير، فالأليق أن يأخذ منه ما صفا، ويعفو عما كدر فيه لا سيما إن كان ذلك نزرا، فالكامل من عدت سقطاته، و"ما" من قوله: "ما كل" نافية "وأم" معناه قصد، و"قصدا" مفعول لـ"أم"، وهو مصدر بمعنى اسم المفعول، ثم قال:
ولست مدعيا الإحصاء ... ولو قصدت فيه الاستقضاء
إذ ليس ينبغي اتصاف بالكمال ... إلا لربي الكبير المتعال
وفوق كل من ذوي العلم عليم ... ومنتهى العلم إلى الله العظيم
يعني أنه لم يدع بعد الفراغ من نظمه هذا أنه أحصى فيه جميع ما ذكر الكتب التي نقل منها، ولو كان قصد فيه أولا الاستقصاء أي الإحاطة، فكأنه يقول: إنما يلزم البحث والمناقشة من ادعى الإحصاء بعد الفراغ، وإما من قصد ذلك أولا كما فعل في قوله:"وكلما ذكروه اذكر" لم يدعه بعد الفراغ، فلا يلزمه ذلك، ثم إنه استشعر سؤالا وهو أن يقال له حين التزمت أولا الاستفاء، فلم لم تأت به؟ فأجاب عنه بأن العبد شأنه النقصان، والاتصاف بالكمال لا ينبغي إلا الله الكبير المتعال، ثم نبه بقوله "وفوق كل" إلخ، على أن الإنسان وإن اتصف بالعلم ففي الناس من هو أعلم منه، ولا يحيط بالعلم إلا الله العظيم، ولذا قال سيدنا علي كرم الله وجهه: