للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أي كيف أدعي الإحصاء، وأنا لم أذكر إلا ما اشتهر عند أكثر الأئمة، وما يتبادل الناس إلى أخذه منهم، ولم أذكر ما ليس بمشهور إلا أحرف يسيرة أوردتها في نظمي هذا مع اشتهر زيادة لمن لم يعرفها، وتذكرة لمن عرفها ونسيها، فقوله: "كيف" معناها هنا الإنكار و"ما" نافية، و"ذكري" وهو مصدر بمعنى المفعول و"سوى" خبره، وقوله: "يسيرة" صفة لمحذوف تقديره "أحرفا" و"سوى" صفة أخرى لـ"أحرفا" المقدر، و"زيادة" مفعول لأجله و"تذكرة" عطف عليه، ثم قال:

فالحمد لله على إكماله ... وما به قد من من إفضاله

حمدا كثيرا طيبا مجددا ... متصلا دون انقطاع أبدا

لما أكمل ما أراده ورغب فيه من النظم ختمه بالحمد، ولا شك في كون الحمد مطلوبا عند ختم كل أمر مرغوب، وقد أخبر الله تعالى بأن أهل الجنة يختمون دعاءهم به فقال: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ١، ولم يكتف بحمد الله على إكمال النظم، بل أضاف إلى ذلك الحمد على سائر ما تفضل الله عليه به؛ لأن نعم الله على العبد لا يحصرها عد قال الله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} ٢، ووصف هذا الحمد بأوصاف كثيرة فقال: "حمدًا كثيرًا" أي ليس بقليل "طيبا" أي لم يشبه شيء من أغراض الدنيا يوجب قبحه "مجددا" أي لا يزال جديدا، وفسر ذلك بقوله: "متصلا دون انقطاع"، وجعل ظرفه الأبد وهو الزمان المتصل المستمر إلى قيام الساعة ثم قال:

وانفع به اللهم من قد أما ... إليه درسا أو حواه فهما

واجعله ربي خالصا لذاتك ... وقائدا بنا إلى جناتك

عساه دائما به ينتفع ... في يوم لا مال ولا ابن ينفع

دعا هنا بالمنفعة لمن أم أي درس نظمه، واعتنى بفهمه حتى حصله وإن لم يحفظ لفظه، ثم سأل الله تعالى أن يجعل هذا النظم خالصا لوجهه غير مشوب بغرض دنيوي، وسأل مع ذلك منه تعالى أن يجعل هذا النظم قائدا يقود به إلى الجنة، وجمعها؛ لأنها


١ سورة يونس: ١٠/ ١٠.
٢ سورة إبراهيم: ١٤/ ٣٤.

<<  <   >  >>