ذلك وإلا فمالك يكرهه، وقوله "وحجة" بالجر عطفا على "توبة"، أو على "الصفح"، ثم قال:
واغفر ما قد فعلى ... من سيئ رحماك يا رب العلا
وارحم بفضل منك من علمنا ... كتابك العزيز أو أقرءنا
لما فرغ من الدعاء لنفسه شرع هنا في الدعاء لغيره؛ لأن جملة أداب الدعاء أن يبدأ الداعي بنفسه، ثم يذكر غيره كما في دعاء سيدنا نوح وسيدنا إبراهيم، وقدم والديه، وعلى غيرها فدعا لهما بالغفران والرحمة، وإنما قدمهما لعظيم حقهما إذ أوصى الله بهما في غير ما آية وقام حقهما بحقه، ثم دعا بالرحمة لمن علمه الكتاب العزيز الذي هو القرءان، ولمن أقرءه إياه يعني جوده عليه، وأخذ عنه أحكام قراءته، وإنما دعا لهما بكونهما أنقذاه من ظلمات الجهل بذلك، كأنهما أخرجاه من العدم إلى الوجود، فأشبها بذلك والديه فاستوجبا منه الدعاء لذلك، وقوله:"من سيئ" بيان لـ"ما" و"رحماك" مصدر بدل من اللفظ بفعله، و"العلى" نعت لمحذوف تقديره السموات أي وارحمهما يا رب السموات العلى، والباء في قوله "بفضل" سببية، ثم قال:
بجاه سيد الورى المؤمل ... محمد ذي الشرف المؤثل
صلى الإله ربنا عليه ... ما حن شوقا دنف إليه
هذا الكلام مرتبط بجمع ما دعا به من قوله:"وانفع به اللهم" إلى آخر دعائه، والجاه المنزلة الرفيعة، وسيد الورى سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم، والورى الخلق، المؤمل الذي تقف عليه الآمال، فلا يتعلق الرجاء بأحد سواه، وذلك حين يبعثه الله المقام المحمود حين يقول كل نبي مرسل وملك مقرب: نفسي نفسي، فيأتي الخلق كلهم من لدن آدم إلى قيام الساعة إليه -صلى الله عليه وسلم- فيقولون: يا محمد أما ترى ما نحن فيه اشفع لنا إلى ربك: فيقول: أنا لها، فيشفع الشفاعة الكبرى في الخلق كلهم -صلى الله عليه وسلم، ووصفه بالشرف المؤثل، ومعناه المؤصل لكونه -صلى الله عليه وسلم- لم يزل خيارا من خيار، كما ورد في الحديث ثم ختم دعاءه بالصلاة عليه -صلى الله عليه وسلم- لما في الحديث: "إن الدعاء لا يزال موقوفا بين السماء، والأرض حتى يعقب بالصلاة على النبي