للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أي: أفعال الصحابة في المصاحف، وعلى ترك الابتداع، أي: الاختراع وإحداث ما لم يكن فيها.

ولما كان هذا الكلام الذي نسبه الناظم لمالك لم يقله صريحا وإنما هو لازم لجوابه الآتي عن سؤال من سأله علل نسبته لمالك بقوله: إذ منع، مالك السائل الآتي سؤاله من أن يحدث في الأمهات، أي: المصاحف الكمل الكبار، نقط المصاحب المحدثة في زمن السائل، وإنما رأى، أي: مالك جواز النقط للصبيان في الصحف، يعني الصغار، وفي الألواح للبيان، والإيضاح لهم، والمراد بالصبيان المتعلمون، ولو كبارا، وسيأتي قريبا ما المراد بالنقط، وقد أشار الناظم بهذا إلى ما نقله الحافظ الداني١ في المحكم من قوله مالك: ولا يزال الإنسان يسألني عن نقط القرآن فأقول له: أما الإمام من المصاحف، فلا أرى أن ينقط، ولا يزاد في المصاحف ما لم يكن فيها، وأما المصاحف الصغار التي يتعلم فيها الصبيان، وألواحهم فلا أرى في ذلك بأسا.

قال عبد الله بن الحكم: وسمعت مالكا، وقد سئل عن شكل المصاحف فقال: أما الإمهات فلا أراه، وأما المصاحف التي يتعلم فيها الغلماء فلا بأس "انتهى".

وحاصله التفصيل بين الأمهات الكمال، فلا يجوز نقطها، وبين الصغار والألواح، فيجوز ويقابل قول مالك هذا قولان آخران:

١- أحدهما بجواز النقط مطلقا.

٢- والآخر بكراهته مطلقا.

وقد نسب في المحكم هذه الأقوال بأسانيدها إلى أربابها: وهي جارية أيضا في رسم الخموس، والعشور، ورسم أسماء السور، وما فيها من عدد الآي، والمراد بالنقط ما يشمل نقط الإعجام الدال على ذات الحرف، وشكل الإعراب ونحوه الدال على عارض الحرف، من فتح، وضم، وكسر، وسكون، وشد، ومد، ونحو ذلك، قال في ذيل المقنع: الناس في جميع أمصار المسلمين، من لدن التابعين إلى وقتنا على الترخيص في ذلك، يعني في


١ الداني عثمان بن سعيد المكنى أبا عمر جمال القراء، وكمال الإقراء لعلم الدين السخاوي علي بن محمد، ت/ ٦٤٣هـ، تحقيق د علي حسين البواب: ١/ ١٣٥، ط: ١٤٠٨/ ١٩٨٧، مطبعة المدني، القاهرة.

<<  <   >  >>