للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُعلت كالعبادات لكان القياس أن يعطَى كلٌّ بحسابه، فإذا مسح ثلثَ يوم في الحضر، فقد مسح ثلثَ مدّته، فيمسح في السفر ثلثي مدته، وهي يومان وليلتان. وهذا ــ مع أنه لا يقال به (١) ــ لا يصح، لأن من شأن العبادات وأوقاتها المتعلّقة بالسفر والحضر أن يتعلَّق بأحدهما لا بهما، ولأنه يفضي إلى جعل مدّة ثالثة غير الواحد والثلاثة، وهو خلاف السنة.

وأمَّا [٧٧/ب] إذا أحدث في الحضر ولم يمسح حتى سافر، فإنما أبحنا له أن يمسح مسحَ مسافر، وإن كان أولها في الحضر، لأن العبادة لم يُفعل شيءٌ منها، ولا وجبت في الحضر، وإنما وُجد وقتُ جوازها، فأشبه ما لو دخل وقتُ الصلاة على صبيٍّ مقيم، فبلغ في الوقت بعد سفره. ولأنّ المسح جميعَه إذا وقع في السفر تحقَّق في حقِّه جميعُ مشقّة السفر، بخلاف ما إذا وُجد بعضه، فإنما يثبت في حقِّه بعضُ المشقة، والله أعلم.

وإذا شكَّ في أول مدة المسح بني على الأصل، وهو وجوب غسل الرجلين. فلو شكَّ المسافر هل ابتدأ المسح في الحضر أو السفر بنى على مسح حاضر، لأن مدّته على اليقين. كما لو شكَّ المقيم هل ابتدأ المدّة في الحضر أو السفر، فلو مسح بعد يوم وليلة، ثم ذكر أنه أنشأ المسح في السفر= أعاد تلك الصلاة؛ كما لو صلَّى إلى بعض الجهات بغير اجتهاد ثُمَّ تبيَّن (٢) أنها جهة القبلة، أو صلَّى قريبَ الزوال بغير اجتهاد ثم تبيَّن أنه بعد الزوال. هذا هو المشهور.


(١) "به" ساقط من المطبوع.
(٢) تحرف "ثم" في الأصل إلى "لم"، وفي المطبوع: "لم يتبين". وكذا في الموضع الآتي.