للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلا أن يكون قد مسحهما (١) قبل إقامته، فيخلَع. وهذا بلا تردُّد. وأما إذا مسح بعض المدة مقيمًا ثم سافر، ففيها روايتان:

إحداهما: يُتِمُّ مسحَ مسافر. اختارها (٢) الخلال وصاحبه أبو بكر (٣)، لأنه سافر في أثناء المدة، فأشبه ما لو أحدث [٧٧/أ] ولم (٤) يمسح حتى سافر، فإنه يمسح تمام ثلاثة أيام ولياليهن، وإن كان ابتدأهن من حين الحدث الموجود في الحضر. ولأن المسحات عبادات لا يرتبط بعضها ببعض، ولا يفسُد أولها بفساد آخرها، فاعتُبر كلُّ مسح بالحال الحاضرة، كالصلوات والصيام، بخلاف الصلاة الواحدة.

والأخرى: يُتِمّ مسحَ مقيم، كما ذكره الشيخ. وهو اختيار الخِرَقي والقاضي وأكثر أصحابنا (٥)، لأن المسح عبادة يختلف قدرُها بالحضر والسفر، فإذا وُجِد أحد طرفيها في الحضر غُلِّب حكمُه كالصلاة. وهذا لأن المسحات وإن كن عبادات لا يرتبط بعضها ببعض، لكن وقتها وقت واحد، بعضه مرتبط ببعض، ولا بد من بناء أحد طرفيه على الآخر. فإذا وقع بعضُ المدة في الحضر وجوَّزنا أن يُتمَّ مسحَ ثلاث لكان قد وقع مسحُ الثلاث في الإقامة (٦) والسفر، وهو خلاف الحديث. وهذا أشبه بالصلاة الواحدة من الصلوات، لأن تلك لا يرتبط بعضها ببعض في الوقت ولا في الفعل. ولو


(١) أي: قد مسح يومًا وليلةً.
(٢) في المطبوع: "اختاره". والمثبت من الأصل.
(٣) "المغني" (١/ ٣٧١).
(٤) في الأصل والمطبوع: "ولو لم"، والظاهر أن "لو" مقحمة.
(٥) انظر: "مختصر الخرقي" (ص ١٥) و"شرح الزركشي" (١/ ٣٨٩) و"المبدع" (١/ ١١٩).
(٦) في الأصل: "وفي الإقامة".