لكن ما الذي دعا السيوطي إلى انتهاج هذا النهج في كتبه. قد لا يتضح هذا على أتم وجه إلا في ضوء تحليل موجز لحياة الرجل.
٤ - حياة السيوطي. عاش السيوطي في عصر المماليك في طوره الأوسط وفي عهد من عهود العلم الزاهرة لا من ناحية طرفة تراثها العلمي -إنما من ناحبة قدرة علماء هذا العصر ومفكريه على الجمع وتلخيص الكتب -كان العقل الإسلامي قد توقف في هذه الفترة عن الإبداع -في نطاق العلوم الفكرية وانتهى فيه عهد الأصالة المطلقة التي انبثقت آخر مرة، وفي صورة زاهية لامعة في تقي الدين بن تيمية. اتجه العلماء نحو كتب المفكرين الذين سبقوهم يتدارسونها ويلخصونها. ويضفون عليها أحيانًا بعض الابتكار غير الكثير وأحيانًا ينقلونها كما هي في ملخصات تقترب كثيرًا من النص الأصلي، وكان السيوطي واحدًا من هؤلاء الأخيرين، خلت كتبه حقًا من الطراقة والأبداع ولكنها كانت حافظة ممتازة حوت نصوصًا من مختلف العلوم والفنون لا يعرفها العالم الإسلامي الآن عن طريقه، هذا علاوة عن أهميتها الكبرى في ملء فجوات في تاريخ الفكر الإسلامي، وقد أفرغ السيوطي جهده في هذا العمل الشاق -وأرهفت حواسه له لكي يحقق تلك الأمنية الملحة التي ترددت في نفسه. والتي أعلنها في فترات متعددة في صور مختلفة حتى وصل إعلانه لها إلى حد الجدال واللجاج وأنكرها عليه علماء عصره أشد إنكار وحاربوه أشد محاربة -أما تلك الأمنية فهي كونه مجتهد الأمة الإسلامية -ثم مناداته بعد ذلك بأنه المبعوث من الله على رأس التاسعة ليجدد شباب دينه ...
أما اسم السيوطس الكامل -فهو أبو الفضل عبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر جلال الدين الخضيري السيوطي؛ وأما عن نسبته للخضيرية -فيقول