للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه وسلم- وآثار الصالحين فأما من رد عليهم بالمعقول فقد رد باطلًا بباطل.

ثم قال فهؤلاء الأئمة هم المرجوع إليهم في أمر الدين وبيان الشرع، ومن سلك طريقًا في الإسلام بعدهم فإياهم يتبع، وبهم يقتدى، وموافقتهم تتحرى، فلا يجوز لمسلم أن يظن بهم ظن السوء وأنهم قالوا ذلك عن جهل وقلة علم وخبرة في الدين وما هذا إلا من الغل الذي أمر الله بالاستعاذة منه فقال {ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا} فتبين لنا أن الطريق عند الأئمة الهادية إتباع السلف والاقتداء بهم دون الرجوع إلى الآراء. ومن هنا قال بعضهم: العلم علمان علم نبوي، وعلم نظري، والعلم النظري محتاج إلى العلم النبوي، لأن العلم النبوي جاء من الله، وهو مقرون بالصواب على كل حال والعلم النظري ما يستنبط، ويجوز أن يكون صوابًا، ويجوز أن يكون خطًا. ومثال ذلك ما قيل الماء ماءان، ماء نزل من السماء، وماء نبع من الأرض، فالماء النازل من السماء على طعم واحد من اللذة والطيب وعلى لون واحد من الصفاء والنقاء وعلى جوهر واحد من الطهارة والنظافة، كذلك العلم النازل من السماء كالوحي والماء النابع من الأرض، فعلى أنواع منه صاف طاهر على موافقة وحي الله، ومنه خبيث كدر لمخالفته وحي الله.

وقال بعضهم: الحديث أصل والرأي فرع، ولا يجوز أن يكون الأصل والفرع سواء، ولا حالهما في الرتبة والتقدمة واحدة، ألا ترى إلى قوله- صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن بم تحكم؟ قال بكتاب الله. قال فإن لم تجد. قال بسنة رسول الله قال, فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي.

<<  <   >  >>