قال: الحمد الله الذي وفق رسول الله، فكان المصير إلى الحديث، بمنزلة الماء في الطهارات، والقياس والرأي بمنزلة التراب، وإنما يصار إلى التراب عند عدم الماء، . كذلك لا يصار إلى الرأي ألا عند عدم الحديث. فكان مثل آثر الرأي والقياس وقدمهما على الحديث والأثر مثل من يعدل عن الطهارة بالماء في وقت السعة ويؤثر التيمم بالتراب الذي وضع للضرورة والعدم. ولقد أحسن سعيد بن حميد حين يقول:
فإنك حين تطرحني لقوم ... هم عدم وفي صور الوجود
كمن هو تارك ماء طهورًا ... وراض بالتيمم بالصعيد
وأنشدوا أيضًا:
دين النبي محمد آثار ... نعم المطية للفتى الأخبار
لا تغفلن عن الحديث وأهله ... فالرأي ليل والحديث نهار
ولربما غلط الفنى سبل الهدى ... والشمس بازغة لها أنوار
وأنشدوا أيضًا:
أهل الكلام وأهل الرأي قد جهلوا ... علم الحديث الذي ينجو به الرجل
لو أنهم عرفوا الآثار ما انحرفوا ... عنها إلى غيرها لكنهم جهلوا
وأنشدوا أيضًا:
أهل الكلام دعونا من تعسفكم ... كم تبتغون لدين الله تبديلًا
ما أحدث الناس في أديانهم حدثا .... إلا جعلتم له وجهًا وتأويلًا