للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجل عن الوصف ويقصر دونه الذكر، وإذا وقف المرء على هذا من شأنهم، وعرف حالهم، وخبر صدقهم وورعهم، وأمانتهم، وظهر له العلم فيما نقلوه، ورووه، ولا يحتج إلى شيء من هذا الذي قلناه، والله ولي التوفيق والمعونة.

والذي يزيد ما قلناه إيضاحًا: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الفرقة الناجية. قال: ما أنا عليه وأصحابي، بمعنى من كان على ما أنا عليه وأصحابي، فلابد من تعرف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وليس طريق معرفتنا إلا النقل فيجب الرجوع إلى ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم، لا تنازعوا الأمر أهله، فكما يرجع في معرفة مذاهب الفقهاء الذين صاروا قدوة في هذه الأمة إلى أهل الفقه، ويرجع في معرفة اللغة إلى أهل اللغة ويرجع في معرفة النحو إلى أهل النحو، فكذلك يجب أن يرجع في معرفة ما كان عليه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وأصحابه إلى أهل النقل والرواية، لأنهم عنوا بهذا الشأن، واشتغلوا بحفظه والتفحص عنه ونقله، ولولاهم لا ندرس علم النبي "صلى الله عليه وسلم" ولم يقف أحد على سنته وطريقته.

فإن قال قائل: إن أهل الفقه مجمعون على قول الفقهاء، وطريق كل واحد منهم في الفروع. وأهل النحو مجمعون على طريق البصريين والكوفيين في النحو وكذلك أهله الكلام مجمعون على طريق كل واحد منهم من متقدميهم وسلفهم.

فأما ما يرجع إلى العقائد فلم يجتمع أهل الإسلام على ما كان رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وأصحابه بل كان كل فريق يدعى دينه وينتسب إلى ملته ويقول نحن الذين تمسكنا بملة رسول الله "صلى الله عليه وسلم" واتبعنا

<<  <   >  >>