للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طريقته، ومن كان على غير ما نحن عليه، فهو مبتدع صاحب هوى، فلم يجز اعتبار الذي تنازعنا فيه بما قلتم.

الجواب أن كل فريق من المبتدعة إنما يدعى أن الذي يعتقده هو ما كان عليه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" لأنهم كلهم يدعون شريعة الإسلام، ملتزمون في الظاهر شعائرها، يرون أن ما جاء به محمد "صلى الله عليه وسلم" هو الحق، غير أن الطرق تفرقت بهم بعد ذلك، وأحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله ورسوله فزعم كل فريق أنه هو المتمسك بشريعة الإسلام، وأن الحق الذي قام به رسول الله "صلى الله عليه وسلم" هو الذي يعتقده وينتحله، غير أن الله تعالى أبى أن يكون الحق والعقيدة الصحيحة، إلا مع أهل الحديث والآثار، لأنهم أخذوا دينهم وعقائدهم خلفًا عن سلف، وقرنًا عن قرن، إلى أن انتهوا إلى التابعين، وأخذه التابعون عن أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وسلم" وأخذ أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وسلم" عن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" ولا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله "صلى الله عليه وسلم" الناس من الدين المستقيم؛ والصراط القويم إلا هذا الطريق، الذي سلكه أصحاب الحديث.

وأما سائر الفرق فطلبوا الدين لا بطريقة لأنهم رجعوا إلى معقولهم، وخواطرهم وآرائهم فطلبوا الدين من قبله، فإذا سمعوا شيئًا من الكتاب والسنة عرضوه على معيار عقولهم، فإن استقام قبلوه، وإن لم يستقم في ميزان عقولهم ردوه، فإن اضطروا إلى قبوله حرفوه بالتأويلات البعيدة، والمعاني المستنكرة، فجادوا عن الحق، وزاغوا عنه ونبذوا الدين وراء

<<  <   >  >>