للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لولا أن الآية مأمور بقراءتها ما قرأتها لعدم صدقي فيها، وروي أنّ العبد إذا قرأها يقول الله تبارك وبعالى كذبت لو كنت إياي تعبد لم تطع غيري، ولو كنت بي تستعين لم ترفع حوائجك إلى ذليك مثلك، ولم تسكن لمالك وكسبك. قوله: (ولهذا شرعت الجماعة) أي مشروعية الجماعة في الصلإة والجمع، ووقوف عرفة والاستسقاء ونحوه رجاء لإجابة دعائهم لا لغير ذلك من الآراء، ولذا شرعت صلاة النوافل في المنازل فسقط ما قيل من أنه لا وجه لتقديم الظرف المشعر بالحصر. قوله: (وقدّم المفعول إلخ) المراد بالتعظيم تعظيمه لشرفه، فهو ذاتيئ والاهتمام ما نشأ من المقام لكونه نصب عينه لا مطلق الاعتناء، فلا يرد عليه ما قيل من أنّ هذا يدلّ على أنّ مجرّد الاهتمام به نكتة مستقلة غير التعظيم والحصر، وليس كذلك بل لا بذ أن يكون بطريق من الطرق المعتبرة كما قال الشيخ عبد ابقاهر لا يكفي أن يقال قدم الشيء للاهتمام به بل لا بد من بيان وجه الأهمية، فحق العبارة أن يقال للاهتمام وهو إمّا للتعظيم أو للحصر اهـ. قوله: (والدلالة على الحصر (أنكر أبو حيان وابن الحاجب وكثير من النحاة دلالة التقديم على الحصر لقوله في الكتاب إذا قلت ضربت زيداً وزيداً ضربت فالتقديم والتأخير

سواء، وردّه في الانتصاف بأنه ليس في كلام سيبويه ما ينفيه بل هو مسكوت عنه، وقد زاده أصحاب المعاني، وكم لهم من دقائق زادوها على النحاة والذي في الكشاف الاختصاص والمصنف رحمه الله عبر بالحصر، والمشهور أنهما بمعنى وفرق بينهما السبكيّ رحمه الله وأفرد لذلك رسالة سماها الاقتناص في الفرق بين الحصر والاختصاص قيل: فلا خلاف بين الزمخشريّ وأبي حيان والاختصاص عنده افتعال من الخصوص والخصوص في نحو ضربت زيداً كون مطلق الضرب واقعا منك على زيد فقد يكون قصد المتكلم لهذه الثلاثة على السواء، وقد يترجح عت ده بعضها ويعرف ذلك بابتدائه فإنّ الابتداء بالشيء يدل على الاعتناء به، من غير قصد لغيره بإثبات أو نفي، ومعنى الحصر نفي غير المذكور، واثبات المذكور ويدل عليه بما والاً وانما، وهو معنى زائد على الاختصاص، وقد استشهد لمدّعاهم بشواهد كثيرة، كقوله ونوحاً هدينا وأنه لو دل على الحصر لم يكن غيره من الرسل مهديا وليس بصحيح، وردّه في الفلك الدائر بأنهم لم يدعوا اللزوم بل الغلبة.

(أقول) : الحق أنّ ما ذكر من الفرق بين الحصر والاختصاص مسلم، فإنّ اختصاص شيء

بشيء ثبوته له على وجه خاص به، فلا يقتضي القصر، وان كان لا ينافيه، ولذا حمل عليه في كثير من المواضع، وكون التقديم دالاً على الحصر وضعا غير صحيح، فإنه لا يمكن أن يقال إنه مدلول وضعي للفظ المقدّم كإياك هنا، فإنّ مدلوله ذات المخاطب لا غير، ولا للتقديم أيضا، فإنه قد يكون لأمور أخر لا سيما في الشعر والإنشاء، وهو أمر معنوي لا معنى لوضعه أيضا فلا يوصف بالدلالة بمعناها المعروف ولا فرق بينه وبين الاختصاص والعناية والاهتمام، فلم يبق إلاً أن يقال إنّ عدول البليغ عما هو الأصل من غير ضرورة لا بد له من وجه، وقد فهم منه أهل اللسان أنه الاهتمام، واهتمام العاقل بشر، ء لا يكون إلأ لمعنى وهو مختلف باختلاف المقامات فقد يكون ذلك المعنى اختصاص المقدّم بما بعده من حكم ونحوه، فان قلت الاختصاص من حيث هو لا يعقل اقتضاؤه للتقديم ألا تراهم التزموا في غيره من الطرق تاخير المقصور عليه كأنما قلت: هذا لو سلم لم يضرّنا، فكم في لسان العرب من أمور متواترة لا يعقلى معناها كالأمور التعبدية في الوضع الشرعي، أو نقول كون الشيء لم يلزم من سواه يقتضي غالبا شهرة انتسابه له، فلذا لم نجعل إة، دته مقصودة بالذت وأخر، ومما ذكرت عرفت أنّ الاختلاف فيه لفظيّ فاعرفه، وما قيل هنا من أنّ في الحصر أشكالاً إذ قل من يصدق في دعواه إلآ أن ئدعي تغليب المخلصين الصادقين على غيرهم جوابه ظاهر مما أسلفناه. قوله: (ولذلك قا ا، ابن عبّاس رضي الله عنهما إلخ) إشارة إلى ما استدل به على إفادة التقديم للحصر كالأثر الذي يرويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وهو صحيح مأثور عنه كما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الضحاك، وعن أبي عبيد أنه قال لامرأة شتمته في جمع من تعني فقالت إئاك أعني فقال خصتني بالشتم، وأورد عليه أنّ تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لا يدل

على أنّ الحصر مستفاد من التقديم بل يكفي كون الجملة دالة على الحصر من طريق

<<  <  ج: ص:  >  >>