إنما يحسن إذا تحقق كل منهما بدون الآخر، ولأنه إذا انتفى الإيمان انتفى كسب الخير في الإيمان بالضرورة فيكون ذكره لغواً من الكلام، أو يؤوّل بأنّ المراد أنهما معا شرطان في النفع والعدول إلى هذه العبارة لتفيد المبالغة في أنهما سيان وإنما يستحسن إذا كان الأوّل أعرف بالشرطية كالإيمان والكسب في هذه الآية ومنه علم الجواب عن الأؤل، وقد أجيب عن اللغوية بأنه لما كان النفع مشروطا بأحد الأمرين سبق الإيمان أو الكسب المذكور، وان كان تحقق أحدهما مستلزما للآخر ظهر وجه عدم الإيمان لنفس خلت عنهما ولا يضر بالمقصود كون الخلوّ عن سبق الإيمان مستلزما للخلوّ عن الكسب لأن غرضنا بيان عدم نفع إيمان نفس خلت عنهما وهذا حق بسبب اشتراط النفع بأحدهما فلا يضرّنا كون الخلو عن واحد مستلزماً للخلو عن الآخر، ولا حاجة إلى ما تكلف في الاشتراط بأحد الأمرين من أنه يجب اعتبار العمل الصالح سابقاً بأن يقال النافع هو العمل الصالح في الإيمان فإن لم يوجد فالإيمان ولا يجوز أن يقال النافع هو الإيمان فإن لم يوجد فالعمل الصالح في الإيمان لأنّ الإيمان إذا انتفى انتقى العمل الصالح عنه بالضرورة وقال بعض المحققين لا يخفى إنّ استدلال المعتزلة لا يخلو عن قوّة، وقد أجاب عنه أهل السنة تارة بأنّ المراد بالخير الإخلاص وبالإيمان ظاهره من القول والعمل وفيه بعد، وتارة بأنّ الآية من اللف التقديري أي لا ينفع نفساً إيمانها وكسبها الخير في الإيمان فتتوافق الآيات والأحاديث الشاهدة بأنّ مجرّد الإيمان نافع ويلائم مقصود الآية وهو تحسير الذين أخلفوا ما وعدوا من الرسوخ في الهداية عند إنزال الكتاب حيث كذبوا وصدفوا عنه وفيه إنه ذكر في الخلاصة وغيرها إن توبة اليأس مقبولة وان لم يكن إيمانه مفبولاً، لكن وقع في جامع المضمرات خلافه.
(قلت) هو الصحيح الوارد في الأحاديث الصحيحة كما مرّ ثم قال والأظهر في الجواب
أن يقال المراد بالنفع كما له أي الوصول إلى رفيع الدرجات والخلاص عن الدركات بالكلية، ويرد على المعتزلة أنّ الخير نكرة في سياق النفي فيعمّ ويلزم أن يكون نفع الإيمان لمجرّد الخير
ولو واحداً وليس كذلك فإنّ جميع الأعمال الصالحة داخلة في الخير عندهم وهو لا يرد على المصنف رحمه الله لأنه ناقل لكلامهم. قوله:(وللمعتبر تخصيص هذا الحكم بذلك اليوم) أي لتخصيصه بالذكر ولتقديمه فعدم اعتبار الإيمان المجرّد عن العمل مخصوص بمن أدرك ذلك اليوم بغير عمل فلا تثبت الآية مدعاكم وهو جواب جدلي لا يخفى ضعفه وإلا فالإيمان المتقدّم على ذلك نافع مطلقأ عندنا، وقوله حمل الترديد الخ محصله كما مرّ عموم النفي لا نفي العموم. نوله:(والعطف على لم يكن الخ) وأو على هذا بمعنى الواو، وإذا لم ينفع الإيمان الحادث من غير تقدّم مع كسب الخير فعدم نفعه بدونه بطريق الأولى واليه أشار بقوله وإن كسبت فيه خيرا كذا قيل فعليه إن بكسر الهمزة وصلية وقيل إنها بالفتح مصدرية والأوّل أولى. قوله:) فآمنوا ببعض وكفروا ببعض) قيل هذا لا يلائم قوله وكانوا شيعا إلا أن يجعل صفة أخرى، ووصف الأمم السالفة بأنها في الهاوية إلا فرقة يعني قبل نسخ دينهم، وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذقي وصححه وابن ماجه وابن حبان وصححه الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه (١ (. قوله: (من السؤال الخ) منهم حال لأنه صفة نكرة قدمت عليها، وفسره بليس عليك شيء من السؤال الخ أو من عقابهم أو أنه بريء منهم أو أمره بتركهم، وكله ظاهر.
قوله:(أي عشر حسنات أمثالها) ولما كان المثل مذكراً كان الظاهر عشرة فأجيب بأنّ المعدود محذوف أقيمت صفته مقامه وقيل إنه اكتسب التأنيث من المضاف إليه، وقوله أقل ما وعد الخ مرّ تحقيقه في سورة البقرة، وقوله من الله لا بطريق الوجوب عليه تعالى فهو قيد لأصل الإثابة وزيادتها وقضية للعدل تعليل للجزاء، وكونه بالمثال ولو زيد أيضاً لم يخرج عن العدل على مذهبنا. قوله:(بنقص! الثواب ورّيادة العقاب) أي ليس نقص الثواب، وزيادة العقاب ظلما لأنّ له تعالى أن يعذب المطيع ويعفو عن المسيء إذ لا إيجاب عندنا فليس هذا مذهب المعتزلة، وقيل الظلم بمعناه اللغوي وفيه نظر. قوله:(بدل الخ (ما ذكره في إعرابه ظاهر، والمضمر إما هداني أو نحوه كأعطاني وعرّفني لأنّ الهداية تستلزم المعرفة. قوله: (وهو أبلع من المستقيم الخ) في نسخة من القائم، والزنة الهيئة