للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظاهرة والباطنة، فظهر من هذا كونه مترتباً على ما قبله، وما قيل من أنّ الحق والباطل إشارة إلى الكمال بجسب القوّة النظرية والصلاح والفساد بحسب القوّة العملية لا وجه له، وقيل: من جملة هذه. الدلائل المعجزات المفضية إلى ثبوت الشرع الموقوف عليه الأدلة السمعية، وفيه نظر. قوله: (وإليه أشار إلخ) أي إلى نصب الدلائل العقلية أشير في هذه الآية الكريمة، والنجد المكان الغليظ المرتفع، وهو مثل لطريقي الحق والباطل في الاعتقاد، والصدق والكذب في المقال، والجميل والقبيح ني الفعال فبين أنه عرفهما كقوله: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا} [الإنسان: ٣] قيل وما ذكره المصتف تبع فيه الزمخشريّ، والهداية فيه متعدّية بنفسها وليست بمعنى الإيصال بل بمعنى الإراءة ألا ترى إلى قوله: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ} قال المصنف: فلم يشكر تلك الأيادي باقتحام العقبة فإنّ الإيصال إلى طريق الشرّ ليس من الأيادي بخلاف إراءته من حيث أنه طريق شر يحترز عنه فإنه يكون خيراً في حقه، وعلى ما يفهم من كلامه أوّلاً من اختصاصها بالخير في قوله: {هَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: ١٠] تغليب انتهى. ولا يخفى ما فيه من الاضطراب، فإنّ المصتف رحمه الله لم يقل هنا أنّ المتعدي بنفسه

يفيد الإيصال حنى ينافيه ما وقع في النظم، ثم إنه على ما ذكره لا يحتاج إلى التغليب فكان عليه أن لا يذكره أو يجعله وجهاً آخر فتدئر. قوله: (وقال وأمّا ثمود إلخ) قيل إنّ كلامه في تفسيره يدل على أنّ المراد بالهداية فيه ليس الجنس الثاني فقط حيث قال: فدللناهم على الحق بنصب الحجج، وارسال الرسل، ولعله أولى لأنه أدل على شقاوتهم، والرسل هنا رسل الله من البشر. قوله: (والثالث إلخ) قيل الظاهر أنّ المراد بالرسل ما يعم الملائكة ليتناول هذا الجنس من الهداية الأنبياء، ثم جعل المنحصر في الأجناس هداية الله يقتضي أن يكون المراد هداية الله تعالى بإرسال الرسل، وانزال الكتب والعبارة أيضا تفيد هذا المعنى، وعلى هذا في قوله واياها عنى إلخ نظر، فإن قيل الهداية فيها صفته تعالى أسندت إليهم والى القرآن مجازاً كما يقال قطع السكين قلنا لو سلم ذلك في الثاني فلا نسلمه في الأوّل، وقد قال المصئف في تفسير.: وجعلناهم أئمة يقتدى بهم يهدون الناس إلى الحق بأمرنا لهم بذلك، وإرسالنا إياهم حتى صاروا مكملين نعم جعلهم أئمة يهدون بأمره هداية منه تعالى بإرسال الرسل لكن ظاهر قوله واياها عنى بقوله: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً} [الأنبياء: ٧٣] إلخ يشعر بأنه إياها عنى بالهداية المذكورة فيه، وقد يتكلف له فيقال المراد بهداية الله المنحصرة في الأجناس الهداية المنتسبة إليه تعالى بوجه، وهداية الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، كذلك لكونها بأمره تعالى، وارساله وبالهداية لإرسال الرسل وانزال الكتب الهداية الحاصلة بهما سواء كانت قائمة بالرسل والمنزل، أو بمن هداه وأمره بالهداية، وقس عليها هداية القرآن إن كان متصفا بها حقيقة، وقال الغزالي: الهادي من العباد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والعلماء المرشدون للسعادة الأخروية، والدالون على الصراط المستقيم بل الله الهادي بهم، وعلى اً لسنتهم، وهم مسخرون بقدرته وتدبيره، فالهداية المسندة لهم من هداية الله، ومندرجة- تحت جنس الهداية بإرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام بهذا الاعتبار.

(أقول الك أن تجعله شاملاً للأنبياء عليهم الصلاة والسلام من غير تأويل بما ذكره، فإنهم مأمورون أيضاً بما أوحي إليهم كما لا يخفى، وأمّا أمر الحصر والتوفيق بينه، وبين ما ذكر فغير محتاج إلى تكلف ادّعاء مجازية الإسناد مع أنّ الظاهر الحقيقة، ولا موجب للعدول عنها في الآية الأولى بخلاف الثانية، وان توهموا العكس فإنّ قوله تعالى بأمرنا صريح في أنّ الله هداهم حيث أمرهم بالعمل والتبليغ، وهذا مراد المصتف رحمه الله ومحل استشهاده، وأمّا القرآن في نفسه فليس هو الهادي حقيقة فتدبر. وقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي} [الإسراء: ٩] أي يدل على خصلة، أو ملة أقوم مما عداها. قوله: (والرابع أن يكشف إلخ) مغايرته

لما قبله ظاهرة لاختصاصه بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأولياء إذ المراد بالوحي كشف الحقائق وإظهارها لهم بغير الطرق المعهودة ولا وجه لتعميمه والإلهام إلقاء الخير في القلب إذ غيره يقال له وسوسة وأمّا قوله تعالى: {فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٨] فمؤوّل كما سيأتي في محله، والمنامات الصادقة هي

<<  <  ج: ص:  >  >>