للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القوى ووقفنا على أدلة الآفاق والأنفس ووفقنا لتلقي الأدلة السمعية من الرسل عليهم الصلاة والسلام والكتب حتى نصل لها فالتفريع هنا على ما قبله من تنويع الهداية الربانية إذ المطلوب هدايته لما يوصل إليه منها وكلها أو جلها حاصل لهم، فالمطلوب الزيادة إلخ والفاء فصيحة أي إذا تنوّعت الهداية لما هو معلوم الحصول، فالمطلوب ما ذكر وتفريعه على ما في النظم كما في الحواشي أبعد بعيد فعليك بالنظر السديد إذا صعدت من صعيد التقليد. قوله: (من الهدى) قال بعض الفضلاء: الهدى جاء لازماً بمعنى الاهتداء ومتعدّياً بمعنى الدلالة والأوّل هو المراد بقرينة قوله منحوه. والمراد بزيادة الهدى إمّا زيادة الله إياهم الهدى كما في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى} [ئحمد: ١٧] أو ازدياد الهدى على أنّ المراد بالمطلوب المطلوب الأصليّ الذي يطلب ما أريد بمصدر اهد لأجله، وهو زيادة الله إياهم الهدى أو الهداية، أو زيادة الهدى والهداية الزائدة والمراد

بالثبات، أمّ ثباته تعالى على الهدى بمعنى الهداية على سبيل الاستخدام، أو ثباتهم على الهدى على قياس ما عرفت في زيادة الهدى، وعلى الثاني المراد بالهداية تثبتهم على الهدى أو ثباته تعالى على هدايتهم أي دوامه.

(بقي) هنا أنه قد يقال الصراط بمعنييه لا يخلو إثا أن يراد جميعه أو بعض منه معين أو

غير معين لا سبيل إلى الأوّل لأنّ هؤلاء لم يحصلوا جميع طرقه، وجميع الأعمال الصالحة والعقائد الحقة والبعض المعين لا بد له من قرينة تعيينه ولا قرينة هنا فإن أريد بعض غير معين، فلا ريب في صحة طلب البعض لآخر من غير تأويل أو تجوّز فتأمّل. قوله: (فإذا قاله العارف إلخ) الظاهر أنه تفريع على قوله حصول المراتب المترتبة عليه وأنّ هذا من جملتها، ولذا قالوا إنّ العارف لا يزال مسافرا فكلما ألقى عصاه بدا له سفر، فهو من معنى الهداية المترتبة على أحد الأربعة، وقيل: الحصر فيها بالنسبة إلى السالك، وهذا متفرع عليها بعد التكميل، فلا يرد عليه ما قيل لا يخفى إنّ الإرشاد المذكور جنس خاسى من الهداية، فإنّ الرابع هو هداية السير إلى الله كما سبق، فالحصر في الأجناس الأربعة غير مستقيم، وقد رد أيضا بأنه قد قيل إنّ الفناء عبارة عن نهاية السير إلى الله عر وجل، والبقاء عبارة عن بداية المسير في الله سبحانه والسير إنما ينتهي إذا قطع بادية الوجود بالكلية، وبعده يتحقق السير فيه بالإتصاف بالأوصاف الإلهية، والتخلق بالأخلاق الربانية، وقطع بادية الوجود عبارة عن فناء الحظوظ الدنيوية والأخروية، ويلزمه بقاء طلب الحق سبحانه بل يندرج فيه السير إليه أيضا، كما أنّ قوله تعالى: {لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩] يشملهما فالحصر مستقيم، والعارف الواقف على الأسرار الإلهية، والسير في الفتوحات أن يكشف له عجائب الملكوت، فتنتقش في جوهر نفسه فيفرّ إلى الله مسافرا عما سواه إلى أن يراه في كل شيء ويطلق عندهم أيضاً على الانتقال من اسم إلهيّ إلى. آخر:

فيا دارها بالخيف إنّ مزارها قريب ولكن دون ذلك أهوال

قوله: (أوشدنا) عذاه بنفسه على الحذف والإيصال، أو ضمنه معنى أرنا لأنه يتعدى بالحرف وفي المصباح أرشدني إلى الشيء وعليه وله قاله أبو زيد، ونمحو بالنون والتاء الفوقية والياء التحتية، وكذا نميط في الوجوه الثلاثة ونمحو بمعنى نزيل، ونميط بمعنى نبعد وننحى، والغواشي جمع غاشية بمعجمتين ما يغشى أي يعرض ويكون بمعنى الغطاء، ومنه غاشية السرج لغلافه فغواشي الأبدان المراد بها هي بأنفسها، أو ما يطرأ عليها من كدورات البشرية وظلمات الهيولى، ونور قدسه الملكات الفاضلة أو الفيوض الإلهية. وقوله: (فنزاك بنورك) أي نشاهدك بما أودعته في سثمكاة قلوبنا من الأنوار، والله نور السموات والأرض، فإذا فهمت فنور على نور. قوله: (والأمر والدعاء) المراد بهما مفهوما هما، أو ما صدقا عليه، كصم وصل أو

المعنى المصدري، وقيل: هذا تكلف من غير حاجة داعية له، فإنّ صيغة افعل لا تدل على مصدر أمر ودعا، وان تحقق عند تحققها وفيه نظر، والمنقول في أصول الشافعية كما في شروح جمع الجوامع أنه لا يعتبر في مسمى الأمر ولا في حدّه علو ولا استعلاء، واعتبر فيه المعتزلة وهو المشهور عنهم، وأبو إسحاق الشيرازي وابن الصباغ والسمعانيّ العلو، وأبو الحسين من المعتزلة، والإمام الرازي والآمدي، وابن الحاجب الاستعلاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>