وتابعهم المصنف وحمه الله هنا وخالفهم في منهاج الأصول، ورذ مذهب المعتزلة المشهور من اشتراط العلوّ قي الأمر وضد. في الدعاء، وقيل بالرتبة وهو مختار الزمخشريّ والاشتراك اللفظي بينهما كونهما بصيغة واحدة في الأكثر، وهي أفعل والمعنوي إنّ فيهما معنى الطلب الذي هو كالجنس لهما. وقوله:(ويتفاوقان) أي يتغايران ويفترقان بأنّ الطلب إن كان استعلاء فأمر، وان سفلا فدعاء والاً فيسمى التماساً وقال بعض المعتزلة: إن كان عالي الرتبة فأمر وان كان سافلها فدعاء هذا ما أراده المصتف رحمه الله، فمن توهم أنه لا مغايرة بين القول الأوّل والثاني فقد وهم لأنّ الاستفعال قد يكون لعد الشيء متصفا بشيء، وان لم يكن كذلك كاستحسنه، وان لم يكن حسناً وكذا التفعل كتحلم وان يكن حليماً فالاستعلاء والتسفل يقابل العلو، والسفل وتفصيله في الأصول. قوله:(والسراط إلخ) السراط هو الطريق السهل، أو الواضح المستوي من سرط الطعام، كفرح ونصر ابتلعه وزرده فقيل: إنه يتصوّر أن يبلعه سالكه، أو يبتلع هو سالكه ألا تراهم قالوا قتل أرضا عالمها، وقتلت أرض جاهلها وعلى النظرين قال أبو تمام:
رعته الفيافي بعدما كان حقبة رعاها وماء المزن ينهل ساكبه
فقوله: كأنه يسترط السابلة تتبع فيه الزمخشريّ، وفي الكشف لو قال لأنهم يسترطون السبل، وهي تسترطهم كان أولى، وفي نسخة يسرط من الثلاثي وهذا بيان لوجه أخذه منه، والسابلة الطريق ومن يسلكها والمراد الثاني. وقوله:(ولذلك) باللام وفي نسخة بالكاف، وهي صحيحة أيضا، واللقم بفتحتين معظم الطريق أو طرفه أو وسطه من الالتقام، وهو الابتلاع ففعل بمعنى فاعل أو مفعول كالسراط، والمصنف رحمه الله اقتصر على الأوّل لوضوحه، وعن الأزهري أكلته لمفازة إذا نهكته لسيره فيها، وأكل المفازة إذا قطعها بسهولة، وقيل: إنّ السابلة إذا ذهبوا من عندنا، فحالهم بالنسبة إلينا شبيهة بابتلاع الطريق، فإذا جاؤوا إلينا، فكأنهم يبتلعون الطريق ويلتقمونه. قوله:(والصراط من قلب السين إلخ) إنما قلبت السين صادا لمناسبة الطاء في الإطباق، وفي انخة اض السين مع تفخيم الراء استثقال للانتقال من سفل إلى علو بخلاف العكس نحو طست لأنّ الأوّل عمل والثاتي ترك كما قرّره أهل الأداء. وقوله:(ليطابق) أي ليوافق مجانسه مع الأطباق والصاد والضاد والطاء والظاء مطبقة، ويقال منطبقة لانطباق اللسان معها على الحنك. وقوله:(وقد يشئم إلخ اليكون أقرب إلى المبدل منه لأنّ
الزاي والسين من المنخفضة المنفتحة، ولأنّ مخرجهما من بين الثنايا، وقيل: ليكتسب بذلك نوع جهر ويزداد قربها من الطاء، والإشمام هنا خلط الصاد بالزاي وعرفه الفرّاء بخلط حرف بآخر وكل وفي الوقف ضم الشفتين مع انفراج بينهما، ولا يدركه إلاً البصير، وله معان أخر سيأني تفصيلها ني سورة يوسف والزاي اسم هذا الحرف المعجم بياء بعد الألف، للفرق يينها وبين الراء المهملة، وفي النشر يقال زاء معجمة بالمد، وزاي بالف وياء وزيّ بالكسئر والتشديد اهـ وعامّة بلادنا يقولون زين، وهو غلط وشين. قوله: (والباقون بالصاد إلخ الغة قريش إبدال السين صادا هنا، وفي كل موضع بعدها عين أو خاء أو قاف باطراد، وقول الجوهري السراط لغة في الصراط لا يقتضي أصالتها، ولذا رسمت صادا لما روي عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش، فإنّ القرآن نزل بها وقرىء بالزاي الخالصة أيضا. قوله: (والثابت في الإمام) أي المثبت كتابة وخطأ في مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه المسمى إماماً عند القرّاء والمفسرين وغيرهم، فإنّ الإمام لغة ما يؤتم ويقتدى به، فيتبع وان لم يكن من العقلاء، ولهذا أطلق على اللوح والكتاب كما فال تعالى:{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً}[الأحقاف: ٢ ا] فسمى الكتاب إماماً على وجه، وقد كان في سنة ثلانين لما سار حذيفة رضي الله عنه لبعض الغزوات وعاد قال لعثمان رضي الله عنه: إني رأيت أمراً عجيباً رأيت الناس يقول بعضهم لبعض قراءتي خير من قراءتك، فإن تركوا ليختلفوا في القرآن، فيكون لذلك أمر، فجمع عثمان الصحابة رضي الله عنهم واستشارهم، فأشاروا عليه بجمعهم على مصحف واحد، فارسل إلى حفصة أمّ المؤمنين رضي الله عنها لترسل الصحف لتنسخ، وكان أبو بكر رضي الله عنه جمعها لما كثر قتل الصحابة رضي