الله عنهم باليمامة، وهو الجمع الأوّل، فأرسلتها إليه، فامر عثمان رضي الله عنه زيد بن ثابت وابن الزبير وسعيد بن العاصن. وعبد الرحمن بن الحارث، فنسخوها في مصاحف اختلف في عددها كما في شرح الرائبة للسخاوي رحمه الله وأرسل إلى كل مصر مصحفا، وحرّق ما سواها، فسمي كل من تلك المصاحف إماماً لا المصحف الذي كان عند عثمان وحده كما قيل.
فإن قلت: قد قيل على ما ذكره المصتف رحمه الله أنّ جميع القراءات السبعة بل العشرة
ثابتة في الإمام لأنهم قالوا: لا بد فيها من أمور ثلاثة صحة السند وموافقة قواعد العربية، ومطابقة الرسم العثماني الثابت في الإمام.
قلت: المراد بالثبوت فيه الثبوت، ولو تقديراً كما فصله في النشر وقال: انظر كيف كتبوا الصراط، والمصيطرون باله ماد المبدلة من السين وعدلوا عن السين التي هي الأصل لتكون قراءة السين، وان خالفت الرسم من وجه قد أتت على الأصل فيعتدلان، وتكون قراءة الإشمام
محتملة ولو كتب بالسين على الأصل فات وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم، فلا إشكال. قوله: (وجمعه شزط الخ) ظاهره أنّ هذا الجمع يكون له مطلقاً سواء ذكر أم أنث ولذا قدّمه، وقد قيل إنه إن ذكر جمع على أفعلة في القلة وعلى فعل في الكثرة كحمار وحمر وأحمرة وان أنث فقياسه أن يجمع على أفعل كذراع وأذرع، وفسر المستقيم وهو الذي لا اعوجاح فيه بالمستوى، وهو من قولهم سوّى الأرض والمكان فاستوى هو بأن لا يكون في سطحه وحدوده اختلاف، ومته قوله تعالى: {لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ} [النساء: ٤٢] أي يوضع عليهم ترابها ويسطح. وقيل: وصف الطريق به له معنيان: أحدهما أنه مستو بنفسه. والآخر أنّ سالكه يستقيم فيه. وقوله: (كالطريق إلخ) هو مثله معنى وقيل: بينهما فرق، فإنّ الطريق ما يسلك مطلقاً، والسبيل ما هو معتاد السلوك والسراط ما لا عوجاح فيه يمنة، ويسرة فهو أخصها، فإن قيل فما فائدة وصفه حينئذ بالمستقيم قيل: لأنّ الصراط يطلق على ما فيه صعود أو هبوط، والمستقيم ما لا ميل فيه إلى شيء من الجوانب، وأصل الاستقامة في الشخص القائم. قوله: (والمراد به طريق الحق إلخ) هذان التفسيران رواهما ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما، وذكرهما المصنف والزمخشريّ إلاً أنّ الزمخشريّ قال المراد به طريق الحق وهو ملة الإسلام قجعلهما متحدين والمصتف رحمه الله تعالى أشار إلى الرد عليه وجعلهما متغايرين، وقد ذهب بعض أرباب الحواشي إلى أنّ الحق ما فهمه الزمخشريّ وقال ابن تيمية الخلاف بين السلف في التفسير قليل جدّا، وهو في الأحكام أكثر وغالب ما روي عنهم من الأوّل راجع إلى تنوّع العبارة وإليه أشار الزمخشريّ، وعلى ما فهمه المصئف هما متغايران إمّا لأنّ ملة الإسلام تختص بالأصول والإعتقاد، وطريق الحق أعمّ لشموله الفروع والأصول سواء فسر الحق هنا بما يخالف الباطل أو بأنه اسم الله فإنه ورد إطلاقه عليه، وهو مخالف لقوله قدس سرّه: إن ملة الإسلام تشمل الأحكام الأصلية والفرعية، وإن قيل: إنه مبني على مسلك الزمخشريّ.
وقيل: طريق الحق مطلقاً تتناول ملة الإسلام، وما فيها من العبادة كما هو المناسب لتنوّع
الهد اية.
وقيل: طريق الحق أخصى لشمول ملة الإسلام للفرق الضالة كالقدرية.
وقيل: اصحق أعمية الحق لشموله السير في الله، وما يترتب على الهداية من المراتب كما
مرّ وقيل الطريق المستقيم هنا العبادة، لقوله تعالى: {وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} [يس: ٦١] والقرآن يفسر بعضه بعضاً وفيه نظر، وقول الفاضل الليثي: إنه ليس المراد تعفق الهداية بجميع ملة الإسلام، بل ببعضها سواء أريد به التثبت أو الزيادة ناشىء من عدم النظر للوقوع، وعموم الطلب فتأمّل. قوله: (بدل من الأوّل الخ) بدل خبر مبتدأ مقدر أي هذا بدل
من الصراط الأوّل. وقوله: (بدل الكل من الكل) بدل من البدل، وهو من حسن الإتفاق الذي سماه المتأخرون في البديع تسمية النوع، وقد عاب ابن مالك رحمه الله في بعض كتبه هذه العبارة على النحويين لأنّ الكلية لا تصح في مثل {صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. اللهِ} [إبراهيم: ا- ٢] فإنها إنما تقال فيما ينقسم ويتجزئ، والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك، فالأولى أن يقال فيه البدل الموافق أو المطابق.
والورع البارد في نحوه يغنيك عنه النظرالحامي