وقوله:(وهو في حكم تكرير العامل) هذه عبارة مهذبة صادقة على مذهبي التقدير وعدمه
فلا وجه لما قيل إنّ هذا مذهب الأخفش والرمّاني والفارسي وأكثر المتأخرين، وبدل عليه كلام صاحب الكشاف في بحث البدل من المفصل، لكن ذهب جماعة إلى أنّ العامل في البدل هو العامل في المبف ل منه، وعد الرضي صاحب الكشف منهم. قوله:(من حيث إنه المقصود إلخ) قيل: إنه إشارة إلى ما استدل به الفريق الأوّل على تقدير عامل من جنس الأوّل لكونه مستقلاً أو مقصودا بالذكر، واذا لم يشترط مطابقتة للمبدل منه تعريفا وتنكيراً.
وأجيب: بأنّ استقلال الثاني، وكونه مقصودا يوذنان بأنّ العامل هو الأوّل لا مقدّر آخر
لأنّ المتبوع أذن كالساقط، فكأنّ العامل لم يعمل في الأوّل، ولم يباشره بل عمل في الثاتي والمعتى أنه مهصود بالنسبة دون متبوعه، وبهذا فارق العطف، وأورد عليه أنّ صرف العامل عن المبدل منه إلى البدل ينافي تكريره.
وأجيب عنه بأنه في حكم تكريره مع كلمة بل، وأورد عليه أنه لا يفهم من التكرير إلأ تقرير الأوّل وكلمة بل إضراب عنه، والحق أنّ الإضراب إنما هو من صرف خصوص نسبة العامل إلى خصوص آخر، ىأصل النسبة باق، فإن قلت النسبة تتغير بتغير أحد طرفيها قلت: إذا لم يكن " البدل أجنبيا عن المبدل مته لم تتغير بالكلية خصوصا في بدل الكل، فإنّ الإضراب فيه إنما هو باعتبار الوصف لا الذات، ثم إنما ذكر إنما يتأتى إذا كان للمبدل منه نسبة، فلا ينتقض بإبدال الجمل التي لا محل لها من الإعراب من مثلها، وقد جوّزه النحاة، وأهل المعاني، وترك المصئف رحمه الله ما استدل به في الكشاف لما فيه، كما لا يخفى على من له بصيرة نقادة. قوله:(وفأئدته التثيد إلخ) في الكشاف فائدة البدل التوكيد، لما فيه من التثنية والتكرير والإشعار بأنّ الطريق المستقيم بيانه، وتفسيره صراط المسلمين ليكون ذلك شهادة لصراط المسلمين بالاستقامة على أبلغ وجه، وآكده كما تقول: هل أدلك على أكرم الناس وأفضلهم فلان، فيكون ذلك أبلغ في وصفه بالكرم والفضل من قولك هل أدلك على فلان الأكرم الأفضل، لأنك ئنيت ذكره مجملاً أوّلاً، ومفصلاً ثانيا وأوقعت فلانا تفسيرا، وايضاحا للأكرم الأفضل فجعلته علما في الكرم والفضل، فكأنك قلت: من أراد رجلاً جامعاً للخصلتين فعليه
بفلان، فهو المشخص المعين لاجتماعهما فيه من غير مدافع ولا منازع اهـ.
وهو جواب عن نكتة التكرار والعدول عن الاختصار بأنه لفائدتين إحداهما قصده بالنسبة، وتكرير العامل حكما، والثانية تفسيره وبيانه به، ومذه مشتركة بينه وبين عطف البيان أو هي أظهر في الثاني، ومن دأب المصنف رحمه الله أنه إذا غير عبارة الكشاف، أو أسقط منها شيثاً أنه يشير بذلك إلى ردّ ضمني أو أنه غير مرضيّ، فلذا أسقط هنا تمثيله للبدل بالمنعوت المتقدم عليه نعته نحو أدلك على أكرم الناس زيد لأنه غير مسلم عند علماء المعاني، وفي المطوّل كل صفة أجرى عليها الموصوف نحو جاءني الفاضل الكامل زيد، فالأحسن أنّ الموصوف فيه عطف بيان لما فيه من إيضاح الصفة المبهمة، وفيه إشعار بكونه علما في هذه الصفة، وفي الحواشي الثريفية أنه أشار إلى أن جعله عطف بيان أحسن من جعله بدلاً من وجهين: أحدهما أنه يوضح تلك الصفة المبهمة، والإيضاح من شأن عطف البيان دون البدل والثاتي أنّ الإشعانة بكونه علما فيما ذكر إنما تتفرّع من جعل فلان تفسيرا للأكرم الأفضل، وايضاحا له فجعلته علماً في الكرم والفضل، ولا شك أنّ إيضاج المتبوع وتفسيره فائدة عطف البيان دون البدل، ولك أن تقول أنه اختار البدل في الآية وذكر له فائدتين الأولى تأكيد النسبة بناء على أنّ البدل في حكم تكرير العامل والثانية الإشعار بأنّ الطريق المستقيم بيانه وتفسيره صراط المسلمين فيكون ذلك شهادة لصراطهم بالاستقامة على أبلغ وجه وآكده، ولا خفاء في أنّ هاتين الفائدتين مطلوبتان في الآية الكريمة، فوجب أن يختار فيها البدل لأنّ الفائدة الأولى مختصة به، وأمّا الثانية فتحصل منه أيضا إذ قد يقصد ببدل الكل تفسير المتبوع، وايضاحه كما سيأتي إلآ أن ذلك لا يكون مقصودا أصليا منه كما في عطف البيان، وانما شبهه بقولك: هل أدلك إلخ إذا ورد في مقام ية صحمد فيه تكرير النسبة، وايضاح المتبوع معاً لا مطلقاً، وهناك يتعين البدل ولا يجوز عطف