للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البيان فضلاً عن أن يكون أحسن، ولا بد من اعتبار هذا التقييد في التشبيه به ليوافق المشبه، ويتحصل به غرضه اهـ. والحاصل أنّ المبدل منه إذا كان وصفاً لفظاً أو تقديرا أثر في العناية بالبدل والقصد إليه فجعله في نية الطرح وجعل اسم الذات تابعاً له يومىء إلى أنّ تلك الصفات كمشخصاته التي يدل عليها اسمه، وانّ ثبوتها له أمر ظاهر مسفم وهي نكتة بديعة يشعر بها الكلام.

وبالغ المصتف رحمه الله في ذلك فجعله نصا فيها إلاً أنهم اختلفوا فيها، وفي منشئها فمنهم من جعله توضيح الموصوف باسم الذات، وجعله مشتركا بين البدل وعطف البيان، والمرجح للبدلية أمر خارج، وهو الفائدة الأولى المخصوصة به، وجعله قدس سرّه مجموع الفائدتين، فيختص بالبدل لأنّ الثانية متفرّعة على التأكيد بالوجهين، والإشعاو بأنّ الطريق المستقيم بيانه، وتفسيره صراط المسلمين، كما أوضحوه والتفصيل بعد الإجمال أبين وأقوى في الشهادة، وتكرير العامل يوذن بالقصد فيجب أن يكون علماً في الصفة المذكورة ليكون،

أوفى بتأدية ما قصد من اتصافه بالصفة المذكورة، فيستحق أن يستأنف القصد إليه، ولذا رجح المدقق في الكشف كونه بدلاً في الآية، والمثال مطلقاً على كونه عطف بيان، لأنّ استئناف القصد يدل على أنه أوضح من الأوّل في إفادة المقصود، فيلزم أن يكون هو الشخص غير مدافع ولا منازع اهـ.

وما أورد على الشريف من أنه يأباه عدم تعرّض الزمخشريّ في بيانها لتكرير العامل والنسبة كما ترى ليس بشيء، فإنه قدس سرّه إنما جزم بما ذكره لقوله في الكشاف لما فيه من التثنية والتكرير لأن جعلهما بمعنى قليل الجدوى، فحمل التثية على تكرير لفظه لتبادره منه وحمل التكرير على تكرير العامل والنسبة، وقرينة الأوّل ظاهرة، وقرينة الثاني اشتهاره في البدل. وقوله: (المشهود عليه) عداه بعلى لتضمته معنى المحكوم أو المجمع، وفي الكشاف المشهود له قيل: وتعبيره أوّلاً بالمسلمين، وثانياً بالمؤمنين إيماء لترادف الإيمان والإسلام وقيل: لاتحادهما صدقا فلا ينافيه تصريحه في شرح المصابيح بتباينهما وأنّ {الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} المؤمنون، وأن النعمة الإيمان إذ لا نعمة أعظم منه، ولذا أطلق لأنّ المنعم عليه بها كانه منعم عليه بجميع النعم. وقوله: (لأنه جعل إلخ) تعليل للتنصيص. وقيل: إنه تعليل لقوله على آكد وجه. قوله: (من البين الذي لا خفاء فيه إلخ) قيل: عليه جعله بيانا، وتفسيراً للطريق المستقيم يقتضي أن لا يكون كون الطريق المستقيم طريق المؤمنين كالبين الذي لا خفاء فيه بل إنما يقتضي كون طريق المؤمنين علماً في الاستقامة متعينا ليصح تفسير المبهم به، وقيل: إنه إنما يرد إذا كان المقصود من التفسير دفع الإبهام، وأمّا إذا لم يقصد مته ذلك، وقصد كون المذكور في معرض التفسير علماً بيناً متعيناً على ما ذكره بقرينة كمال ظهوره فلا يرد ذلك، فإن فلت: سلمتا أنّ التفسير حينئذ لا يقتضي ذلك لكن كونه من البين الذي لا خفاء فيه من أين يفهم قلت: إذا تقرّر كون طريق المؤمنين كالعلم المتعين في الاستقامة مع ادّعائه أنّ هذه العلمية والتعين مشهود عليه معلوم عند كل أحد يفهم منه ذلك بلا شبهة. قوله: (وقيل الذين أنعمت عليهم الأنبياء إلخ) عطف على ما فهم مما سبق من انه طريق المؤنين مطلقاً وهو المنقول عن السدّي وقتادة، وصراطهم المطلوب هدايتنا إليه ما توافقوا عليه من التوحيد، وأصول الدين دون الفروع المختلف فيها فإنها ليست صراطاً مضافا للكل، أو ما اشتمل على التوحيد والعبادة والعدل واجتناب المعاصي والعمليات التي لم تنسخ، والنبوّة أجل النعم على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والأمم، وفي الدر المنثور عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه فسره بطريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والشهداء والصالحين، ومن أطاعه وعبده، وهو يشمل الأقوال الثلاثة، ويوافق قوله تعالى {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ} [مريم، الآية: ٥٨] الآية. قوله: (وقيل أصحاب موسى الخ) أي المصدقون بهما وبما جاءا به قبل ما صدر من بعضهم من التحريف وقبل نسخ شيء مما جاءا به وهذا منقول عن ابن عباس رضي الله عنهما وخصوا لشهرة أمرهم وكثرتهم ووجودهم في عصر نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام والتحريف تغيير ما في الكتابين كذكر نبئنا صلى الله عليه وسلم حيث أرادوا إخفاءه ويابى الله إلاً أن يتم نوره، ولو كره الكافرون، والنسخ رفع بعض الأحكام من شريعتهم وانتهاؤها، قيل: وفيه لف ونشر

<<  <  ج: ص:  >  >>