إليهما كحصول المال، وقيل: إن الكسبيّ ينقسم أيضاً إلى روحانيّ وجسماني، والمصتف رحمه الله أشار إلى الأوّل بتزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق والملكات الفاضلة، وإلى الثاني بتزيين البدن إلخ وأورد عليه أن جعل حصول المال والجاه من الجسماني تكلّف، والمراد بالكسبيّ ما للكسب مدخل فيه، وإن لم يستقل به، ولا يرد عليه الصحة لأنها قد تحصل بمعالجات طبية كما توهم لأنّ أصل الصحة لا دخل للكسب فيها والمعالجات إنما هي لدفع ما يضادّها كما صرّحوا به، وتزكية النفس تطهيرها من دنس النقائمى، وفي كلامه إشارة إلى أنّ التخلية بالإعجام مقدّمة على انتحلية بالمهملة، والملكات شاملة للصانع، والمطبوعة بمعنى المقبولة الراجحة في ميزان الطبيعة، وقد وقع هذا اللفظ بهذا المعنى في كلام من يوثق به كالثعالبي، وقال المرزوقي: الشعر منه مصنوع ومطبوع، فلا عبرة بإنكار بعضهم له. وقوله: إنه لم يوجد في اللغة، وفي مفردات السمين، ومن خطه نقلت طبعت البكيال ملأته لكون الملء، كالعلامة المانعة عن تناول ما فيه، والطبع المطبوع أي المملوء اهـ وكذا قال الراغب.
وفي كلام علي رضي الله عنه العقل عقلان مطبوع ومسموع، وهو فيه بمعنى الجبليّ،
وفسر هنا بالعارضة لنفس البدن كتطهيره من الأوساخ وقمى الشارب ونحوه مما يورث البدن زينة والحلي بكسر الحاء مقصور جمع حلية، وهي الزينة المجاورة للبدن كاللباس، وجوّز فيه ضم الحاء وكسر اللام وتشديد الياء. قوله:(أن ينفر إلخ الم يتعرّض لتقسيمه، كما مرّ لعدم تعفق الغرض به، وقد قسم إلى روحاني كعلم ما لهم من الرضوان وجسمانيّ، كنعيم الجنة المحسوس، ووهبي كمغفرة الله وعفوه، وكسبي كجزاء الأعمال، وقيل: ليس فيها كسبي لأنه لا يجب على الله شيء ولكل وجهة، ويبوّئه مضارع بوّأه بباء موحدة، ثم واو مشددة وهمزة من التبوئة، وهي الإسكان، وعليين أعلى الجتة، أو موضع في السماء السابعة تصعد إليه أرواح
المؤمنين، وهو في الأصل جمع علية أو عليّ بمعنى الغرفة أو لا واحد له، وجمعه جمع سلامة على خلاف القياس، وأبد الآبف ين كدهر الداهرين يستعمل للتأبيد والخلود.
وفي القاموس: الأبد محركة الدهر والجمع آباد وأبود، والدائم والقديم الأزليّ، والولد
الذي أتت عليه سنة، ولا آتيه أبد الأبدية، وأبد الآبدين وأبد الأبدين، كأرضين، وأبد الأبد محرّكة، وأبد الأبيد وأبد الآباد وأبد الدهر، وأبيد الأبيد بمعنى اهـ فالآبدين جمع آبد وهو مبالغة الأبد كما أنّ الداهر مبالغة الدهر لزيادة المبالغة بالياء والنون على خلاف القياس أو المراد بالآبد الدائم جمع بهما تغليباً للعقلاء كالعالمين وإضافة الأبد للمبالغة. وقوله: (فرط منه) بالفاء وتخفيف الراء يقال فرط من باب قتلى إذا تقدّم، والمراد ما فعله قبل من الذنوب، وهو إشارة إلى ما فيه من التخلية والتحلية. قوله:(والمراد هو القسم الأخير إلخ) أي المراد بالإنعام المدلول عليه بقوله: أنعمت النعم الأخروية، وما يتوصل بها إليها من الدنيوية، كتزكية النفس وما معها لا ما قبله لأنه لا يخص المؤمن، فلا وجه لإدراجه في الدعاء بنيله ولا يرد عليه أنه داخل في الوصلة، وإن لم يختص، فلا حاجة إلى حمل ألوصلة على ما يشمل القريبة والبعيدة ويتكلف تاويله والتعبير بالماضي لتغليب ما مضى منه لتوقف النعم الأخروية عليه، وإن كانت أجل، وقيل: إنه لتحققه أو لأن المراد أنعمت عليهم في علمك ففيه استعارة تبعية، والأوّل أحسن وأولى، وفي كلامه إشارة إلى ما ارتضاه من تفسير الذين أنعمت عليهم بالمؤمنين لا أنه شامل لجميع المكلفين كما توهم، وقيل: إنه يلزمه جعل ترك الأولى من الأولياء والأنبياء عليهم الصلاة والسلام من الزلات المغتفرة إلاً أن يجعل الأوّل للمذنب والأخيران للمعصوم مع أنه، وإن خالف صريح كلامه غير محتاج إليه رأساً ولا مخالفة بين المصنف والزمخشريّ، كما توهمه السيوطي، وعبارته في الكشاف: الذين أنعمت عليهم هم المؤمنون، وأطلق الإنعام ليشمل كل إنعام لأنّ من أنعم الله عليه بنعمة الإسلام لم تبق نعمة إلاً أصابته واشتملت عليه، وإنما عدل عنه المصتف رحمه الله إلى ما هو أخصر وأظهر لما يوهم من مخالفة ما تقرّر في الأصول، إذ لم يفرق فيه بين المطلق والعامّ مع ظهور الفرق بينهما، وهذا إنما نشأ من عدم الفرق بين المطلق اللغوي والأصولي، والمراد الأوّل كما أشار إليه في الكشف، وأوضحه قدس سرّه فقال: المراد أنه لم يقيده بشيء معين مما يتعدى إليه بالباء ليستغرق بمعونة