للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله سلموا من الغضب والضلال، ليكون ذات البدل عين ذات المبدل منه، وان اكتفى في اتحادهما ذاتا بمجرد صدق أحدهما على ما صدق عليه الآخر، فلا يخفى أن ما ذكر من الفائدة يتوقف على ما ذكرنا وتعقب هذا بأنه صح عن النبيّ صلى الله عليه وسلم، كما في الدرّ المنثور وغيره أن المغضوب عليهم اليهود والضالين النصارى، فلو كان الموصول عبارة عن مطلق المؤمنين وأبدل منه غير الفريقين كان حسناً بلا محذور وحينئذ يفسر قول المصنف رحمه الله سلموا إلخ بالسلامة عن مثل الغضب والضلال الكائن فيهما، ومنهم من قال في تفسيره: إنه قد سبق أنّ المراد بالموصول المؤمنون، وقيل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وقيل أصحاب موسى وعيسى إلخ فإن كان الأوّل، فالمراد بالمغضوب عليهم والضالين إن كان الذين أريد الانتقام منهم والعادلين عن الطريق السويّ، أو العصاة والجاهلين بالله فالصفة مقيدة إلاً أن يراد المؤمنون إيمانا كاملاَ كما يدل عليه قوله فيما سيأتي لأنّ المنعم عليه من وفق للجمع بين معرفة الحق لذاته والخير للعمل به، وإن كان اليهود والنصارى فمبينة بل مؤكدة وان كان الثاني فمبينة على أي تفسير فسر المغضوب عليهم والضالين، وإن كان الثالث فكالأوّل، ثم إنّ قوله فيما سبق والمراد هو القسم الأخير إلخ يشير إلى وجه آخر، وهو أنّ المراد بالموصول المنعم عليهم بالنعم الأخروية، وما يتوصل به إليها من الدنيوية فإن حمل على المنعم عليه بجميع ذلك فالصفة مبينة، وان حمل على المنعم عليه في الجملة فمقيدة على المعنى الأوّل والثاني للمغضوب عليهم والضالين، ومبينة على المعنى الثالث. قوله: (على معنى أنّ المنعم إلخ) قيل فيما مرّ دلالة على أنّ الإيمان ينافي العصيان. وقوله: (على معنى إلخ) إنما يلائم الابدال والوصف الكاشف لا الوصف المقيد المخصص لأنّ المنعم عليه على هذا التقدير يكون أعمّ، فلا يصح الحمل هو هو إذ لا يقال الحيوان هو الإنسان، فكان عليه أن يؤخر قوله أو مقيدة عن هذا التفسير لثلا يقع الفصل بالأجنبي بين المفسر والمفسر، وهذا مع أنه غير مسلم إنما يرد على غير ما في النسخة الأولى، وقيل إنه إشارة إلى حمل الموصول على المؤمنين والنعمة على الإيمان والمغضوب عليهم والضالين على الأوّل أو الثاني، ويجوز أن

يراد أيضاً أنها مبينة بحسب الظاهر، ومقيدة بحسب العاقبة والنظر إلى الموافاة، ثم إنّ لفظ الذين يقع صفة وموصوفاً بخلاف من وما من الموصولات فإنهما لا يوصف بهما كما في الرضى وغيره من كتب العريية، وفي نسخة بين النعم المطلقة التي أثبتت لهم بطريق الصلة، وبين السلامة من الغضب والضلالة التي أثبتت لهم بطريق الصفة وسمي الإيمان نعمة مطلقة لاشتماله على سعادة النشأتين، فكأنه مشتمل على جميع النعم فينصرف المطلق إليه. قوله: (وذلك إنما يصح الخ) إشارة إلى الوصفية أو اصا سبق، وهو جواب عن سؤال مقدّر وهو أن غير أو مثلاَ ونحوهما من الأسماء المتوغلة في الإبهام قال النحاة: إنها لا تتعرّف بالإضافة، فلا يوصف بها المعرفة ولا يبدل على المشهور من مغ إبدال النكرة من المعرفة كما سيأتي، فما وجه ما مرّ من تجويز ما ينافيه فأجاب بوجهين إمّا من جانب الموصوف أو من جانب الصفة، فالأوّل أنّ الموصوف هنا معنى كالنكرة، فيصح أن يوصف بها لأنه لم يرد بالذين أنعمت عليهم قوم بأعيانهم ولا جميعهم، فهو عهد ذهني وحكمه حكم النكرة وإن جاز مراعاة لفظه، وظاهره بمعاملته معاملة المعرفة والموصول حكمه حكم المعرف باللام، فتجري فيه أقسامه وأحكامه هذا محصل ما قرّروه هنا، ولما وود عليه أنّ الموصول حمل أوّلاً على المؤمنين أو أصحاب موسى وعيسى أو الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فهو معهود خارجيّ ولو سلم عدم العهدية في الأوّل، فلا ينبغي سلبها على الإطلاق لعدم جربه على جميع الوجوه أشار الشارح المحقق إلى دفعه بأنه جواب جدليّ أي لا نسلم أنّ غير المغضوب على تقدير الوصفية صفة للمعرفة، ولو سلم فلا نسلم أنه نكرة ومعوّل الزمخشريّ على تعريف غير، ولذا أخره وقال قدّس سرّه: يجوز أن يريد بما ذكره أو لا طائفة من المؤمنين لا بأعيانهم وإذا حمل على الاستغراق المتبادر من العبارة تعين أن يكون ما ذكر في الجواب وجهاً رابعاً لتلك الثلاثة، وهو العهد الذهني كما يشهد له. تشبيهه بقول الشاعر، وذكر بعضهم أنّ المستغرق لا يحيط العلم بحصره لكثرته فاشبه النكرة، وعومل معاملتها، وهذا مع كدم اشتهاره في الاسنعمال يدفعه

<<  <  ج: ص:  >  >>