للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك التثبيه دفعاً ظاهراً، واعترض عليه بأنه تعسف يأباه النظر الصحيح، وحمل الموصول على ما ذكر مع بعده غير مناسب لجعل طريقهم مشهودا عليه بالإشقامة علماً فيها مع أنه يؤل بالآخرة لذلك، ولا فرق بين كونه جدلياً، وكونه وجها آخر غير ما قدّمه (بقي ههنا بحبث ينبني التنببه له) : فإنّ أهل الأصول جعلوا الموصول من صيغ العموم. والنحويون وأهل المعاني، جعلوه معرفة، وقالوا تعريفه بالعهد الذي في الصلة على ما حقق في شرح الرسالة الوضعية وكلامهم هنا على أنّ المقصود من الموصول أما المعهود الذي هو حصة معينة من الجنس أو الجنس من حيث تحققه في ضمن فرد مّا، وهذه مسالك متباعدة أو متنافية متنافرة، وقول المحقق هنا بعدما قرّر الجواب نعم يتجه أن يقال: جواز الوصف بالنكرة إنما يكون إذا أريد البعض المبهم كاللثيم ولا

كذلك الموصول ههنا فكأنه مال إلى تعريف غير وعول عليه، ولذا أخره ليس بشاف فليحرّر وقوله كالمحلي باللام هذه عبارة مشهورة لأهل العربية، فيقولون للمعرف باللام محلي جعلوا التعريف حلة للنكرة، فهو استعارة صار حقيقة اصطلاحية فيما ذكر، وقيل إن التعبير إشارة إلى أن اللام لمجرّد تزيين اللفظ من غير زيادة معنى فيه. وفيه نظر. قوله: (ولقد أمرّ على اللئيم إلخ) هذا الشعر لرجل من بني سلول وهو هكذا:

ولقدأمرّعلى اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لايعنيني

غضبان ممتلئاعليّ إهابه إني وربك سخطه يرضيني

وروى فأعف ثم أقول وكون جملة يسبني صفة أظهر دلالة على المعنى المقصود منه،

وهو التمدّح بالوقار لأنّ المعنى على لئيم عادته المستمرّة سبه لي، وهو اقعد وأدل على ما أراد ولا شك أنه لم يرد كل لئيم ولا لئيماً معينا وأمرّ بمعنى مررت، وعبر بالمضارع حكاية للحال الماضية كما في خصائص ابن جني أو للاستمرار التجددي وهذا أولى من جعل قوله: فمضيت قرينة على أنّ المراد بأمر مررت فمضيت بمعنى أمضي، وعبر به للدلالة على تحقق إعراضه عنه، ولم يرتضوا الحالية في جملة يسبني لأنّ المعنى ليس على تقييد المرور بحال السب بل على أنّ مروراً مستمرّا في أوقات متعاقبة على لئيم مّا من اللئام اتخذ سبه دأبا له، وهو يضرب عنه صفحا لاغضائه عن السفهاء وقد قالوا ما تساث اثنان الآ غلب ألامهما فالسكوت أجمل، وقال بعض الأعراب:

لايغضب الحرّعلى سفلة ~ والحرّ لا يغضبه النذل

إذا لئيم سبني جهده ~ أقول زدني فلي الفضل

ولذا قال تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: ٦٣] ولا يعنيني بمعنى لا يريدني أو لا يهمني الاشتغال به، والانتقام منه وقيل: كأنه يسب نفسه في تصوّرها بصورة أخرى وثمت، ثم العاطفة، وتختص زيادة التاء فيها بعطف الجمل عند المازني وخالفه بعض النحاة فيه، وهي هنا للتراخي في الرتبة. قوله: (إني لامرّ إلخ) مثال آخر لما لا يتعرّف بالإضافة، وقد وصف به المعرفة لأنها في معنى النكرة، وهو أظهر في الوصفية من البيت لاحتمال الحال فيه، وذهب الأخفش إلى أنّ اللام في هذا المثال زائدة، وارتضاه أبو علي وابن جني ورده غيرهم من النحاة، وفي الدرّ المصون: إنّ الموصول لإبهامه يشبه النكرة فيصح أن يوصف بالنكرة وإن لم يؤوّل وفيه نظر. قوله: (أو جعل غير معرفة بالإضافة إلخ) قال صدر الأفاضل: غير لها ثلاثة مواضع أحدها أن تقع موقعاً لا تكون فيه معرفة وذلك إذا أريد

بها النفي الساذج نحو مررت برجل غير زيد الثاني أن تقع موقعا لا تكون فيه إلأ معرفة، وذلك إذا أريد بها شيء قد عرف بمضادّة المضاف إليه في معنى لا يضاده فيه إلاً هو، كما إذا قلت مررت بغيرك أي بالمعروف بمضادّتك إلاً أنه في هذا لا يجري صفة، فتذكر غير جارية على موصوف الثالث أن تقع موقعاً تكون فيه نكرة تارة ومعرفة أخرى كقولك مررت برجل كريم غير لئيم اهـ قيل ومن هنا تبين أنّ من قال: إنها لا تتعرّف أصلاً لم يصب، وكذا ما قاله المصتف هنا لأنّ ما ذكر لم يعرف بمضادة المضاف إليه، وهو الشرط فلا تعرف وان سلم فهي لا يوصف بها فلا يفيده ما ادعاه شيئاً، وليس بشيء فإن المغضوب عليه ضد للمنعم عليه، وانكاره مكابرة، وأمّا كونه لا يقع صفة، فلا بدّ له من دليل وكلام صدر

<<  <  ج: ص:  >  >>