للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأفاضل لا يعارض ما قاله مثل الزمخشريّ، وابن السراج، وقد نقله أبو علي في التذكرة عن الفراء، وناهيك به إلآ أنّ أبا عليّ ردّه في التذكرة بقوله تعالى: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: ٣٧] وأجاب عنه ابن الصائغ في حواشيه على الكشاف بأنّ صالحا حال قدّمت على صاحبها، وهو غير الذي أو غير الذي بدل من صالحا، ولو قيل: ضد الصالح الطالح، والذي كانوا يعملون فرد من أفراده، فليس بضد لم يبعد، ثم إنّ ما ذهبوا إليه من عدم تعرّف مثل وغير وحسب وسوى اختلفوا في وجهه فقال ابن السراج والسيرافيّ: هو شدّة الإبهام لأنّ غير صالح لكل مغاير.

وقال سيبويه والمبرد: هو كونه بمعنى اسم الفاعل، وهو مغاير ومماثل وكاف وما ذكره المصثف رحمه الله كما في الدرّ المصون إنما يتمشى على مذهب ابن السراج، وهو مرجوح أمّا على مذهب سيبويه فلا لأنّ ما إضافته غير محضة إذا قصد به الثبوت يتعرف بالإضافة كما مرّ، وأحد الضدين هنا المنعم عليه لأنّ المراد به المؤمنون الكاملون علماً وعملاً، والآخر المغضوب عليهم إن اتحدوا مع الف لين أو مجموعهما إن لم يتحدوا فلا يرد أنه ليس له ضد وإحد بل ضمدان، وضمير هو للضد والضمير في يتعين لغير وقوله تعين الحركة غير السكون في نسخة من غير السكون بمعنى تبينها بها وغيرها.

وبضدها تتبين الأشياء والبحث هنا بأنه كما لا يجوز وصف المعرفة بالنكرة لا يجوز إبدالها منها.

والجواب عنه بأنّ ذلك إنما هو إذا لم يفد البدل معنى زائدا على المبدل منه، فإن أفاده

جاز كمررت بابنك خير منك غير متجه لما عرفته من أنه توجيه للبدلية والوصفية معا صراحة وضمنا لاتحادهما على ما ذكر تعريفا وتنكيراً، وفي جوابه أيضا شيء، فإنهم صرحوا بجوازه مطلقاً، واشترط الكوفيون في إبدال النكرة من المعرفة شرطين اتحاد اللفظ، وأن تكون النثرة موصوفة نحو لنسفعاً بالناصية ناصية كاذبة، ووافقهم ابن أبي الربيع على الثاني وما ذكر لا يوافق

شيئاً من المذاهب فتأمّل. قوله: (وعن ابن كثير نصبه على الحال) قال قدس سرّه فلا بدّ أن يكون نكرة على الوجه الذي أشرنا إليه، وقد يجعل بمعنى مغاير لتكون إضافته لفظية، كما يشهد له إدخال اللام عليه في عبارة كثير من العلماء لكنه مما لا يرتضيه الأدباء، وقالوا لم نجد له شاهدا في كلام يستشهد به اهـ وما أشار إليه هو كون التضاد ليس بمحقق، فيكون نكرة على أصله من مذهب ابن السراح وكونه بمعنى مغاير مذهب سيبويه كما مرّ، وفي قوله لتكون إضافته لفظية قصور ظاهر مما أسلفناه، وأيضا إذا لم يكن دخول اللام عليه مرضيا للأدباء وهم علماء العربية ومنهم أهل اللغة كيف يتأتى استشهاده به. وفي المصباح لم يسمع دخول اللام عليه واجترأ بعضهم، فأدخلها عليه لأنه لما شابه المعرفة بإضافته إلى المعرفة جاز أن يدخل عليه ما يعاقب الإضافة وهو الألف واللام، ولك أن تمنع الاستدلال وتقول الإضافة هنا ليست للتعريف بل للتخصيص والألف واللام لا تفيد تخصيصاً، فلا تعاقب إضافة التخصيص مثل سوى وحسب فإنه يضاف للتخصيص ولا تدخله الألف واللام اهـ وفي الدرّ المصون تعريفه باللام خطأ وجعله حالاً من الذين ضعيف لأنه ليس من مواضع الحال من المضاف إليه، وصرح بأنّ العامل أنعمت مع ظهوره إشارة إلى اتحاد عامل الحال وذيها، فإنّ المشهور لزومه ومنهم من جوز اختلاف العامل في الحال وصاحبها كما نقله الرضى عن المالكيّ، أمّا الأوّل فظاهر، وأمّ الثاني فلأنّ الذي في محل نصب أو رفع عند التحقيق هو المجرور، وقولهم الجارّ والمجرور في محل كذا تسامح، قيل: وهو في غير الخبر وتقدير أعني مذهب الخليل، قيل: وعليه فالمراد بالذين أنعمت عليهم المؤمنون الكاملون كما إذا كان بدلاً أو صفة كاشفة، وهو بناء على ما يتبادر من أنه للتفسير، والمفسر عين المفسر، وقيل عليه: إنه غير لازم لأنه قد يراد أعني منهم، فلا ينافي العموم، وقد قال شيخنا في الآيات البينات إنّ الغالب في كلام المصنفين استعمال أي فيما هو ظاهر وأعني فيما فيه نوع خفاء وقد يستعملان بمعنى قيل وهذه الرواية عن ابن كثير شاذة خارجة عن السبعة. قوله: (أو بالاستثناء إلخ) قد تقرّر في النحو أنّ غيرا يستثنى بها، فتكون منصوبة عن تمام الكلام عند المغاربة، كانتصاب الاسم بعد إلاً عندهم واختاره ابن عصفور، وعلى الحال عند الفارسيّ، واختاره ابن مالك، وعلى التشبيه بظرف المكان عند جماعة، واختار. ابن الباذس وقوله

<<  <  ج: ص:  >  >>