قوله:(ومعنى جعلها فراشاً الخ) الفراس معروف وما ذكره المصنف رحمه الله ملخص من قول الإمام أنّ مقتضى طبع الأرض! أن يكون الماء محيط بأعلاها لثقلها ولو كانت كذلك لما كانت فراشاً فأخرج الله بعضها، ومن الناس من زعم أنّ كونها فراشاً ينافي كونها كرية كما هو مبرهن في علم الهيئة وليس بشيء لأنّ الكرة إذا عظمت كان كل قطعة منها كالسطح في افتراشه، وقول المصنف رحمه الله من الإحاطة
بها فيه تسمح والأحسن أن يقول كما قال الإمام محيطاً بأعلاها كما لا يخفى. قوله:(متوسطة الخ) التوسط في الأجسام الوقوع في وسطها وهو ظاهر، وفي المعاني والكيفيات الاعتدال من بينها كما هنا فإنها لوكانت كلها صلبة لشق التمكن عليها لتألم الأعضاء ولوكنت لطيفة كالماء والهواء صعب الاستقرار عليها كما لو كانت لينة كالقطن. قوله:(قبة مضروبة الخ) البناء كل ما يرفع ليكتن به صواء كان بيتاً أو خيمة وقد غلب في الأوّل حتى صار حقيقة عرفية فيه وفسره بالقبة وهو أعمّ منها لأنه أكثر وقد جوّز في السماء أن يشمل المجموع وكل طبقة وجهة منها وأن يكون اسم جنس جمعيّ يفرق بينه وبين واحده بالتاء كتمرة وتمر وهم يطلقون عليه الجمع أيضاً وواحده سماءة بالهمز والمد، ويقال أيضاً سماوة بالواو وأمّا سمأة بسكون الميم قبل الهمزة بزنة طلحة فخطأ والبناء مصدر أطلق على المبنيّ بيتاً كان أو قبة أو خباء أو طرافاً وفي الكشهء وغيره من الشروح الأوّل من شعر، والثاني من لبن، والثالث من وبر أو صوف والرابع، من أدم وفي الثاني نظر استعمالاً وفي فقه اللغة عن ابن السكيت ولست من صحة بعضه على يقين خباء من صوف، بجاد من وبر فسطاط من شعر سرادق من كرسف قشع من جلود طراف من أدم حظيرة من شذب خيمة من شجر أقنة من حجر قبة من لبن سترة من مدر، وقوله بنى على أهله الأهل عشيرة الرجل وأقاربه، ويكون بمعنى الزوجة وهو المراد لأنه كان من عادتهم أن يضربوا للعروس خيمة للدخول عليها ويقال بنى على أهله إذا دخل عليها عروساً وتعديته بعلى والناس يقولون بنى بأهله وفي الدرة أنه خطأ والصحيح جوازه سماعا وقياساً كما بيناه في شرحها. قوله:(وخروج الثمار الخ) خروج الأشياء تكوّنها وبروزها وقوله بقدرة الله تعالى ومشيئته إشارة إلى مختار الأشاعرة من أنّ القدرة والإرادة مجموعين هما اللذان يقتضيان وجود الموجودات من غير احتياج إلى صفة التكوين التي أثبتها الماتريدية كما هو مبين في الكلام وقوله جعل الماء الخ جواب عن سؤال مقدّر وهو ما معنى إخراج الثمرات بالماء وإنما خرجت بقدرته وارادته بأنه سبب عاديّ يخلقه الله تعالى ويعني به أنّ عروق الأشجار والنبات التي هي بمنزلة الأرحام أو الأفواه لها تجذب من الرطوبة الأرضية ماء مخلوطا بأجزاء دقيقة لطيفة ترابية هي بمنزلة نطفة يتولد منها الثمار والأزهار أو هي لها بمنزلة المأكل والمشرب فإذا صعد بها إلى الأغصان وطبخت بالشمس والهواء صارت كالكيموس والغذاء الذي يحصل به النماء فيتولد منه ذلك بقدرة خفية وعادة الأهية من غير تأثير لشيء بالذات والواسطة في تكوّنها، والإفاضة استعارة للإعطاء والتفصيل وفيه لطف هنا لمناسبته للماء وفي
جعل ما يجتذب كالنطفة إشارة إلى قوله في الكشاف ما سوّاه عز وجل من شبه عقد النكاح بين المقلة والمظلة بإنزال الماء منها عليها والإخراج به من بطنها أشباه النسل المنتج من الحيوان من ألوان الثمار وفيه إيماء إلى قول الحكماء إنّ الأجرام العلوية كالآباء والسفلية كالأمهات التي تلد الموجودات وتربيها في مهد الوجود وكون النطفة مادّة وسببا ظاهر لأنها أصل الأجزاء وسبب ليكون ما عداها منعقداً معها كالمنشا، والمراد بالصور الأشكال، والكيفيات هي الطعوبم والألوان. قوله:(أو أبدع في الماء قوّة فاعلة الخ) يعني أنّ الباء على ما مر من مذصب أهل السئنة للسببية العادية وعلى هذا وهو ما ذهب إليه الحكماء للسببية الحقيقية والإبداع الإيجاد وقد يطلق عندهم على إيجاد شيء غير مسبوق بمادّة ولا زمان كالإنشاء ويقابله التكوين، والقوّة رسمت بأنها مبدأ الفعل مطلقأ سواء كان الفعل مختلفا أو غير مختلف بشعور وارادة أولاً وقيل هي مبدأ التغير في آخر من حيث هو آخر وهذا هو المراد هنا، وهي تنقسم إلى قوى طبيعية ونفسانية وما هنا من الطبيعية التي بلا شعور، والمراد