الأيام تندرج، وعلى هذا فإضافته معنوية وجعله بمعنى الصفة المشبهة أو اسم الفاعل غير مرضيّ، كما حقق في شرج التلخيص، وقوله ثم وصف به للمبالغة بصميغة المجهول المسند للجار والمجرور أو هو مسند لضمير الله وهو بمعنى المالك مأخوذ من هذا، أو منقول منه كما سيأتي بيانه قوله:(وقيل هو نعت إلخ) المراد بالنعت الصفة المشتقة التي من شأنها أن ينعت بها، وهو صالح للصفة المشبهة وغيرها، وشراح الكشاف قالوا المراد أنه صفة مشبهة.
وفي شرح التسهيل كونه صفة مشبهة ممنوع، والظاهر أنه من مبالغة اسم الفاعل، أو هو
اسم فاعل وأصله رإت فخفف، وكلام ابن مالك في التصريف يشهد له، ويؤيده قوله:{رَبِّ الْعَالَمِينَ} فإنه متعد مضاف إلى المفعول والصفة المشبهة تضاف لل نماعل، وقال قدس سرّه: لما كان مجيء الصفة على فعل من باب فعل يفعل بفتح الماضي وضتم المضارع عزيزاً استشهد له، فقال: نمّ ينئم بالضم والكسر فهو نمّ، ولا بد فيه من النقل أيضا، وفي ترك المفعول إشارة إليه وفي التمثيل به أيضا غاية المناسبة للممثل له حيث وصف بالمصدر، وهو النم كالرث، وفي نظر لا يخفى، فإنه يجوز أن لا يكون نمّ من مضموم العين بل من مكسورها، وكلام القاموس على أنه يجيء من كل منهما، ونمّ متعذ بنفسه للحديث، ويعلي واللام للمنقول عنه كما في من نمّ لك نمّ عليك، والنميمة نقل الكلام على وجه الإفساد وقوله مجيء الصفة على فعل إن كان على أنه محرّك العين فغير صحيح، وان كان بسكونها فغير مسلم.
قال ابن الصائغ في حواشيه على الكشاف: ومن خطه نقلت لم يتعرّضوا لوزنه، وينبغي
أن يكون فعلاَ بكسر العين، فأدغم لا فعلاً لأنه جمع على أرباب، وأفعال لا يقاس فيه فتدبر قوله:(ثم سمي به المالك إلخ) أي نقل له بعدما كان مصدراً بمعنى التربية، أو نعتاً بمعنى المربي ولما كان تبليغ الشيء لكماله من شأن المالك سمي به وأيضاً هو لا يسمى بدون حفظه، فلذا أطلق على الحافظ، وهذه المناسبة لا تنافي كونه حقيقة إذ هي تراعى في المنقولات وغيرها من الموضوعات، فمن قال إنه ردّ على الواحديّ حيث قال: الرب في اللغة له معنيان التربية والمالك لم يات بشيء مع أنّ كلام الواحدي لا يقتضيه أيضاً، وفي بعض التفاسير أنه يطلق على المالك والشهيد والمربي والمدبر والمنعم والمصلح والمعبود، وقال ابن عبد السلام حمله على المصلح أولى لعمومه قوله:(لأنه يحفظ ما يملكه ويربيه) معطوف على يحفظ أو يملك، وقد مرّ بيانه قيل هو إشارة إلى أنّ معنى الحفظ معتبر في أصل معناه إذ لا يتصوّر التبليغ إلى الكمال بدونه لكن في كونه جزءاً من معناه نظر، وقيل في ردّه إنّ الحفعل من جملة التربية بل تبليغ الشيء إلى كماله مستلزم لحفظه، فلا خفاء في كون معنى الحفظ جزءاً لمعنى الرب بحسب الأصل وليس برمته شيئاً قوله:(ولا يطلق على غيره تعالى الآ مقيداً) بإضافة ونحوها مما يدل على ربوبية مخصوصة سواء كان إضافة أولاً قال في المصباح: الرث يطلق على الله تعالى معرّفاً بالألف واللام ومضافا، ويطلق على مالك الشيء الذي لا يعقل مضافا إليه، فيقال رب الدين، ورب المال، وفي التنزيل {فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا}[يوسف ٤١] قالوا ولا يجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق بمعنى المالك لأنّ اللام للعموم، والمخلوق لا يملك جميع المخلوقات، وربما جاء باللام عوضاً عن الإضافة إذا كان بمعنى السيد قال الحارث بن حلزة:
فهو الرب والشهيد على يوم الجبارين والبلاء بلاء
ومنع بعضهم أن يقال: هذا رب العبد، وأن يقول العبد هذا ربي وقوله عليه الصلاة والسلام:" حتى تلد الأمة ربتها "(١) في رواية حجة عليه انتهى. وحاصل ما قالوه أنه إذا كان بمعنى المالك لا يطلق على غيره تعالى إلاً مقيداً بإضافة، وما هو بمعناها لأنّ المالك الحقيقي هو الله والملك المطلق له، ولو كان بمعنى غير المالك جاز مع القرينة إطلاقه على غيره وكذا إذا أضيف لفظ كرث الدار أو معنى كزيد رب الإبل والرب يتصرّف كما يريد وكذا إذا كانت
اللام عوضاً عن الإضافة كما مرّ، فلا وجه لما قيل في القاموس مز، أنه لا يطلق باللام إلاً على الله لأنّ ما ذكر يرذه ولا حاجة إلى ما قيل من أنه كان في الجاهلية، وقد نسخه الإسلاه أو هو جهل بالحكم الإسلاميّ، وهذا أيضاً إذا كان مفردا فإذا جمع كالأرباب جاز إطلاقه على الله، وعلى غيره إذ لم يطلق على الله أو على الله وحده، وكان حقه أن لا يجمع لكنه ورد جمعاً كما في قوله تعالى:{أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ}[يوسف ٣٩]