للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهذا وارد على زعمهم، وما قيل من أنه يجوز إطلاقه كما في هذه الآية، وتقييده كما في رب الأرباب قيل: إنه سهو لأن المقيد الرب لا الأرباب ولك أن تقول إنّ المراد التقييد المعنوي كما مرّ لأنه بإضافة الرث إليه علم أنّ المقصود به ما سوى الله من الآلهة، وقوله كقوله تعالى: {ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ} [يوشف ٥٠] عدل عن تمثيل الزمخشري بقوله: {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ} [يوسف ٢٣] لأنه قيل إنه عنى به الله تعالى، وقيل عنى الملك الذي رتاه كما قاله الراغب. وأما هذه الآية فالمراد فيها الملك ولا وجه لما قيل من أنّ استشهاده بما حكي عن يوسف عليه الصلاة والسلام يشعر بأنّ كلامه غير مختص بالإسلام لأنّ ما قمق علينا من شرع من قبلنا من غير إنكار، ولا إشعار باختصاص بتلك الأمة فهو شرع لنا كما صرّحوا به، والقول بأنه يزعم المخاطب به لا يناسب الاستشهاد به. وأمّا قوله عليه الصلاة والسلام: " لا يقل أحدكم أسق ربك " فهو نهي تنزيه، وقد قال النوويّ رحمه الله إنه مكروه مطلقاً وقيل إنه منسوخ قوله:) والعالم اسم لما يعلم به إلخ) أي يكون وسيلة للعلم به، وهو شامل للأشخاص وغيرها كما سيأتي، وهو اسم آلة مشتقة من العلم كالخاتم من الختم لكنه غير مطرد، ولذا لم يذكر في علم التصريف، وقالب بفتح اللام ويجوز كسرها آلة معروفة يفرغ فيها الجواهر المذابة، وهو في الأصل غير عربيّ معرّب كالب كما في بعض كتب اللغة، وقيل عربيّ اسم لما يقلب به الشيء، فإنه يقلب الشيء من شكله الأصليّ إلى شكله نفسه، وقدم المصتف رحمه الله هذا الوجه لأنه أدخل في المدح، والزمخشري أخره، والمراد بالصانع الله تعالى، وإطلاقه عليه قد ورد في حديث صحيح رواه الحاكم والبيهقي عن حذيفة ولفظه: " إنّ الله تعالى صانع كل صانع وصنعته " (١ (ولا يتوهم أنه مشاكلة فلا يجوز إطلاقه عليه منفردا لما سيأتي، وسئل السبكي رحمه الله عن إطلاق المتكلمين الصانع على الله عز وجل مع أئه لم يرد في أسمائه الحسنى، فأجاب بأنه ورد في القرآن {صُنْعَ اللَّهِ} [النمل ٨٨] وقرىء في {صبغة الله} [البقرة ١٣٨] صنعة الله بالعين المهملة، وفي طبقات النحاة أنه إنما يتمشى على رأي من يكتفي في صحة الإطلاق عليه تعالى بورود الماذة، والأصل ولا حاجة إليه لما سمعته، وأيضا روى الطبرانيّ في حديث آخر: " اتقوا الله فإنّ الله

فاتح وصانع " قوله: (وهو كل ما سواه إلخ الما ذكر أنه اسم جنس غلب على ما يعلم به الصانع سواء كان من ذوي العلم أو لا فسره بكوله وهو إلخ. ولما كان ظاهره يوهم أنه اسم لمجموع ما سواه بحيث لا يطلق على أنواعه وأجناسه، قالوا إنّ المراد به القدر المشترك من أجناس ما سوا. تعالى، فإنه يطلق على كل جنس مما يعلم به الخالق أعني غيره جل وعلا كما يطلق أيضا على جنسين منه فصاعداً فيقال عالم الملك، وعالم الإنس وعالم الجن وعالم الأفلاك إلى غير ذلك، ويطلق على مجموعها أيضاً لأنّ مجموعها فرد من جملة ما يعلم به الصانع، فهو مشترك بين المجموع، وما تحته من الأجناس والأنواع والأصناف، ولا يطلق على فرد كزيد مثلاً كما سيأتي أو كل ما يعلم به الصانع من الأجناس، فكلمة ما على الأوّل عبارة عما وضع له لفظ العالم بالغلبة، وعلى الثاني عما يطلق عليه بها وليس اسما للمجموع فقط، والاً استحال جمعه وكونه من قبيل قوله نحن الغالبون في إطلاق الجمع تعظيماً على فرد واحد خلاف الظاهر، وغير مناسب للمقام وقوله: (من الجواهر إلخ) الجوهر ما يقابل العرض، وهو مما اصطلحوا عليه وليس معنى لغويا لكنه حقيقة عرفية، وقد قيل إنّ عبارة المصتف رحمه الله أحسن من قول صاحب الكشاف من الأجسام والأعراض لأنه لا يتناول الجواهر الفردة ولا المركب من جوهرين منها على رأي المعتزلة، واعتذر عنه بأنّ الاستدلال إنما هو بما يشاهد وهو الأجسام والأعراض فلذا لا يضرّ خروج المجردات، وصفات الله والأمور المعقولة منه قوله: (فإنها إلخ) الضمير المؤنث لما باعتبار معناها أو للجواهر والأعراض، وهما بمعنى واحد والدليل عند أهل المعقول القياس المنطقي وهو محمول على أقوال يؤدّي التصديق بها إلى التصديق بقول آخر وهو النتيجة وأهل الأصول يطلقونه على ما يدل وقوعه، أو وقوع شيء من أحواله وصفاته على وقوع غيره من ذالب أو صفة، فيقولون العالم دليل على وجود الصانع قالعالم بفسه عندهم دليل لأن صفاته وهي الحدوث، أو الإمكان تدل على الصانع وهو المدلول فقول المصتف رحمه الله تدلّ على ظاهره وقيل: إنه إشارة إلى مقدمتي دليل ثبوت الصانع أعني العالم ممكن، وكل ممكن له موجد مؤثر، وفيه إشارة إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>