للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه أنّ قراءة خلف بن هشام توافق الة راءة الأولى، وردّ بأنّ المراد بالباقين هنا باقي الثمانية الذين قدم المصنف ذكرهم بقوله الأئمة الثمانية المشهورون، وقوله وهو المختار قيل عليه قد رجح كل فريق إحدى القراءتين على الأخرى ترجيحا يكاد يسقط مقابلتها وهو غير مرضيّ لتواترهما، وقد زوي عن ثعلب أنه تال: إذا اختلف إعراب القراءات السبعة لا أفضل إعرابا على إعراب في القرآن بخلاف ما إذا وقع في كلام الناس، وقريب منه ما قيل لو أبدل المختار بالأبلغ، كان أولى لتواترهما ووصف إحداهما بالمختار يوهم أنّ الأخرى بخلافه.

وأنا أقول في الفقه الأكبر أنّ الآيات لا يكون بعضها أفضل من بعض باعتبار التلاوة إنما

يكون باعتبار المعنى، فسورة الإخلاص مثلاً أفضل معنى من سورة تبت لأنّ معنى الأولى توحيد وهذه في صفة بعض الكفار، والأوّل أفضل من هذه الجهة كآية الكرسي، ولا شبهة أيضاً في أنّ بعض القراءات أفصح من بعض كقراءة ابن عامر {قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ} [

الأنعام: ١٣٧] لا يخفى على ذي تمييز أنّ قراءة الجمهور أفصح منها وأنّ بعض القراءات أشهر من الأخرى، كالقراءة المتفرّد بها راو وغيرها المتفق عليها الباقي وكبعض القراءات الجارية على مقتضى الظاهر، ومقابلها الجاري على خلافه لنكتة، فعلى هذا ما المانع من أن يقال أنّ بعضها مختار لبعض العلماء أو الرواة، ولا يلزم من كونه مختاراً نقص مقابله، والقرّاء يقولونه من غير إنكار فهذا الإمام الجعبري يقول دائماً ومختاري، كذا من غير تردّد منه. قوله: (لأنه قراءة أهل الحرمين) قيل عليه أنه لو سلم كون أوائلهم أعلم بالقرآن لا نسلم ذلك ني عهد القرّاء المشهورين ألا ترى صحيح البخاري يقدّم على موطأ مالك، وهو عالم المدينة على أنّ القراءات المشهورة كلها متواترة، وبعد التواتر المفيد للقطع لا يلتفت إلى أحوال الرواة، اللهتم إلا أن يريد زيادة الفصاحة فإنّ لغتهم أفصح، وقد وافقهم قرّاء البصرة، والثأم وحمزة من الكوفيين أيضاً، ولذا قيل هم أولى الناس بأن يقرؤا القرآن غضاً طريا ما أنزل وهم الأعلون فصاحة ورواية وعليه أرباب الحواشي بأسرهم، والمصنف رحمه الله تغ الزمخشريّ في ذلك، ولم يعترضوا عليه بل أوردوه مسلماً، وقال الفاضل لعلوّ رتبة القاري رواية وفصاحة.

قلت: لا يخفى أنّ أهل الحرمين قديما وحديثاً أعلم بالقرآن والأحكام، ولذا استدل

بعض الفقهاء بعمل أهل المدينة، وأمّ مجرّد فصاحتهم التي توكأ عليها ذلك القائل، فلا يجد به نفعاً لأنّ القراءة سماعية لا دخل للراوي، والفصاحة في روايتها أصلاَ. قوله: (ولقوله تعالى إلخ) فقد وصف ذاته بأنه الملك يوم القيامة، وهو يوم الدين والقرآن يفسر بعضه بعضاً، والآية السابقة لا تعارضه لأنها ليست نصاً في المالكية كما مرّ، وكل منها مقوّ لا دليل قاطع، ولم يذكر قوله تعالى {مَلِكِ النَّاسِ} [الناس: ٢] مؤيداً كما في الكشاف لمغايرة معناها لما هنا لئلا يتكرّر مع قوله رب الناس، وأمّا رب العالمين، فلا تكرار فيه لأنه فسر بما يدل على صئانعه، فيختص بالدنيا وما بعده في الآخرة، ولو فسر بالأعئم أيضاً يكون ذكر الخاص بعده اعتناء بشأنه غير مكرّر، ولو سلم فمثله كثير وباب التأكيد مشهور. قوله: (ولما فيه من التعظيم) فإنّ لفظ الملك كالسلطان فيه دلالة على العظمة، لأنّ الناس قلما يخلو أحد منهم من كونه مالكاً، ولا يكون الملك إلا أعلاهم، فهو ما بينهم عزيز قليل، وتصرّفه عام قويّ كما سيأتي، فلذا أردفه المصنف رحمه الله ببيانه فقال: والمالك هو المتصرّف إلخ، وفي الكشاف أنّ الملك بالضم يعغ وبالكسر يخص فقال المدقق في الكشف لم يرد به العموم والخصوص المصطلحين لأنّ أحدهما لا يدخل في مفهوم الآخر، فلا يفرص شاملاَ له، وهذا بحسب العرف الطارىء في الملك بالكسر، وفي التحقيق الملك بالكسر جنس للملك بالضم، والمم اد أنّ ما تحت حياطة الملك من حيث كونه ملكاً والعموم والخصوص لغة يقع على مثل هذا، وجاز أن يراد أنّ شمول سياسته فوق سياسة المانك، والتحقيق أنّ الملك بالضم نسبة بين من

قام به ومن تعلق، وان شئت قلت صفة قائمة بذاته متعلقة بالغير تعلق التصرف التام المقتضي استغناء المتصرف، وافتقار المتصرف فيه، ولذا لم يصح على الإطلاق إلا لله وهو أخص من الملك بالكسر لأنه تعلق الاستيلاء مع ضبط، وتمكن من التصغيئ في الموضوع اللغويّ، وبزيادة كونه حقاً في الشرع من غير نظر إلى استغناء وافتقار، وانّ ما يملكه الملك من المتملك عليه أعنى

<<  <  ج: ص:  >  >>