للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سياسته الخاصة ملكه فيه أتتم مما ملكه المالك أمّا ما لا يملكه الملك ويملكه المالك، فليس موود البحث كعكسه، فقد لاح أنّ ما يتوهمه بعض العامّة من أنّ تصرّف المالك في الملوك أتمّ من تصرّف الملك في الرعايا منشؤه من عدم فرض اتحاد المورد والنظر إلى العرف الفقهيّ، والكلام في الموضوع اللغويّ بل المعنى الأصليّ المشترك بين اللغات كلها، وقولهم الملك بالضم التصرّف بالأمر والنهي في الجمهور، ويختص بسياسة الناطقين، والملك بالكسر ضبط الشيء المتصرّف فيه بالحكم بناء على العرف العامي، ولذا قلنا لا يدخل أحدهما في مفهوم الآخر، ويرجح هذه القراءة تكرار الرث بمعنى المالك، ووصفه تعالى ذاته بالملكية عند المبالغة دون المالكية في قوله تعالى {مَالِكَ الْمُلْكِ} [آل عمران: ٢٦] انتهى. أقول هذا مما تلقوه بالقبول ولخصه قذس سره من غير تصرّف فيه، وهو مأخوذ من كلام الراغب، وقد قال السمين في مفرداته أنه مخصوص بصفات الآدميين، وأمّا في صفته تعالى فالمالك والملك بمعنى واحد، والظاهر أنّ بين المالك والملك عموما وخصوصا وجهيا لغة وعرفاً، فيوسف الصديق عليه الصلاة والسلام بناء على أنه ملك رقاب أهل مصر في القحط بناء على شرعهم ملك ومالك، والتاجر مالك غيره ملك والسلطان على بلد لا ملك له فيها ملك غير مالك وأمّا ما مرّ ففيه نظر من وجوه:

الأوّل أنّ قوله إنّ أحدهما لا يدخل في مفهوم الآخر غير مسلم لأنّ الظاهر أنّ الملك بالضم هو التصرّف في كل ما في مملكته كما يرى وبالكسر تصرّف خاص فيما تحت يده فالأول أعمّ وكذا الملك وا اصالك وما ذكره من معنى العموم والخصوص اللغويّ خلاف المتبادر ولا يذهب لمثله من غير داع وان صح في نفسه. . قوله: (والتحقيق إلخ) مؤيد لما قلنا.

والثاتي أنّ قوله من غير نظر إلى استغناء وافتقار فيه نظر لأنّ ذلك من شأن المالك والمملوك فلو نظر إلى ما يخالفه نادراً كان الأوّل كذلك من غير فرق.

والثالث أنّ قوله التصرف بالأمر والنهي إلخ غير مسلم أيضا لأنّ المعروف خلافه، فإنّ الملك يملك بالسلطنة الحصون، والبلاد وغيرها مما لا يعقل، وله التصرّف فيها أيضا فلا وجه لهذا التخصيص فأعرفه. قوله: (والمالك هو المتصرّف إلخ) قيل عليه أنه لا يناسب المقام وإنما يلائم كون المالك أولى لأنّ المالكية سبب لإطلاق التصرّف دون الملكية، ويمكن أن

يقال مراده أنّ المالك هو المتصرّف فىب الأعيان المملوكة له كيف شاء، والملك هو المتصرّف بالأمر والنهي في المأمورين الذين هم رعيتة جميعاً، فيتناول تصرّف الأعيان المملوكة وغيرها من المالكين لها وغيرهم، فالمالك من حيث هو مالك دون الملك، وما ذكر من أنّ الملك هو المتصرف بالأمر والنهي في المامورين بناء على أنّ الملك يضاف عرفا إلى ما ينفذ فيه التصرّف بالأمر والنهي، ولا ينافي كونه أكثر حياطة وتصرفا هذا، وما ذكر إنما هو بالنظر إلى اللفظ والى مجرّد مفهومي الفردين، وأمّا بعد الإضافة إلى الأمور كلها، فكونه مالكاً للأمور كلها في يوم الدين في قوّة كونه ملكاً، ولذا قال مالكاً لأمورهم يوم الثواب والعقاب بعد اختيار الملك.

أقول هذا غريب منه مع دقة نظره، فانّ مراد المصنف أنّ الملك بالكسر مختص بالأعيان

من غير العقلاء كالثياب والأنعام، والرقيق أيضاً له حكمها لالحاقه بما لا يعقل، والملك بالضم مختص بالعقلاء، وتملكهم أشرف وأقوى، ومن يملكهم يملك غيرهم بالطريق الأولى، فكيف يكون هذا مرجحا للمالك، وهذا معنى لغويّ لا عرفيّ كما قيل. قولى: (وقرىء ملك بالتخفيف) أي بفتح الميم وسكون اللام بعد كسرها، ولذا سماه تخفيفاً، فإنّ السكون أخف من الكسر، وفعل المكسور والمضموم عينه يجوز تسكينه قياسا بخلاف المفتوح، وهي قراءة شاذة، وظاهر. أنه ليس لغة أصلية، وقد ذهب بعض أهل اللغة إلى أنه غير مخفف وأنه صفة بزنة صعب أو مصدر وصف به مبالغة كما في القاموس. وقوله. (بلفظ الفعل) أي الماضي المفتوح العين واللام ونصب اليوم وفي الكشاف قرأ أبو حنيفة رضي الله عنه ملك يوم الدين بلفظ الفعل إلخ وفي نشر ابن الجزري القراءات المنسوبة لأبي حنيفة التي جمعها أبو الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي وغيره لا أصل لها، قال أبو العلاء الواسطيّ: إنّ الخزاعي وضع هذا الكتاب ونسبه إلى أبي حنيفة، فأخذت خطوط الدارقطني وجماعة على أن هذا الكتاب موضوع لا أصل له قلت وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>